Thursday, November 21, 2024

العدو الصهيوني انتهك كل المحظورات في القانون الإنساني

هجرس: التطبيع مخالف للمشروعية وإلغاؤه يندرج ضمن الرقابة السياسية

قال الباحث القانوني خالد إبراهيم هجرس إن التطبيع الذي عقدته السلطة في البحرين يُخالف مبدأ المشروعية الدستورية، مؤكداً أن القانون رقم (5) لسنة 1963م بشأن مكاتب حظر التطبيع مع الكيان الصهيوني مازال إلى اللحظة ساري المفعول ولم يلغ.

وبين هجرس في محاضرة في “التقدمي” تحت عنوان “قراءة قانونية في الجرائم الصهيونية”، أن الفقه الدستوري يُجمع على عدم جواز تعارض القرار السيادي مع النص القانوني؛ لأن هذا الأخير أرفع في درجة الهرم التشريعي، وعليه عند وجود مثل هذا التعارض يُرجح غالب الفقه أن القرار السيادي يُصبح منعدماً ويُصنف كعمل مادي لا قانوني، إذ إن القرار السادي لا يكون باطلاً باعتبار البطلان حالة مرتبطة من ناحية النتيجة بالطعن القضائي الإداري في القرارات العادية، والقرار السيادي مُحصن من هذه الجوانب فلا سبيل إلى البطلان هنا.

وأكد الباحث أن الطريقة القانونية الوحيدة لإلغاء التطبيع عن طريق الرقابة السياسية التي تكون من البرلمان، مصححاً مفهوماً شائعاً عند بعض النواب الذين يتذرعون بعدم جواز استخدام الأدوات الدستورية في ملف التطبيع لأنه من أعمال السيادة، إذ قال إن “هناك فرقاً بين التدخل في إصدار القرار السيادي الذي يُعد تعدياً على السلطات وبين مراقبة القرار السيادي ونتائجه من قبل البرلمان والذي يُعبر عن صميم عمل السلطة التشريعية في المجال الرقابي”، مشدداً على أن النواب لا يراقبون أعمال السلطة التشريعية مراقبةً قضائية تتمثل في كون هذه السلطة قد طبقت القانون أو تجاوزت القانون، إنما لهم دور أكثر تفصيلاً في الرقابة يُسمى بمراقبة الموائمة التي تعني مدى تطبيق القانون بأعلى درجة ممكنة من المنفعة والجودة في التطبيق وذلك لصالح الشعب الممثل الحقيقي للسلطة العامة. ونوه هنا إلى أن بعض النواب يعمدون إلى أن يكونوا ذوي عقلية رقابية قضائية ولا يريدون ممارسة الرقابة السياسية التي تكون فعلاً جوهراً للممارسة البرلمانية السليمة.

وعن جرائم الاحتلال الصهيوني في العدوان على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، شدد هجرس على أن المتابع للأحداث والراصد للسلوك البربري الصهيوني يجد أن هذا الكيان قد انتهك جل قواعد القانون الدولي الإنساني بشكل خاص باستثناء تلك المعنية بمعاملة الأسرى، وذلك بسبب أنه لم يستطع إلى اللحظة إلقاء القبض على أسير من مجاهدي المقاومة، مستنتجاً أن هذا يُعد ملمحاً واضحاً على الفشل العسكري للعدوان الأخير على قطاع غزة بشكل خاص.

واستعرض الباحث بعض الجرائم والتوصيفات القانونية في خضم العدوان الحالي، إذ بدأ من عند وصف الوجود الصهيوني بالاحتلال وفق النصوص الدولية كالمادة (42) من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907، وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الذي علق مؤخراً بأن الشعب الفلسطيني خاضع تحت “احتلال خانق” منذ 56 عاماً. وإذا كان هناك احتلال فبالتالي تكون المقاومة شرعية وهي على شكلين وفق المادتين الأولى والثانية من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 التي تشترط أن تكون خاضعة لعلاقة رئيس ومرؤوس ولديها شعار وشارة معلومة وتحمل السلاح علناً وتتقيد بقواعد الحرب، وإذا داهم العدو منطقة معينة دون أن يكون لهم تنظيم من هذا القبيل، يمكن أن تتشكل المقاومة بشرط حمل السلاح علناً والتقيد بقواعد الحرب فقط.

وأضاف هجرس أن أحد نتائج شرعية المقاومة حماية المقاتلين وفق قواعد الأسرى بحسب اتفاقية جنيف الثالثة، مشيراً إلى أن الأسير بحسب المادة الرابعة من الاتفاقية ذاتها هو كل فرد من المقاتلين أو مليشيات المقاومة في الداخل والخارج أو أفراد قوات مسلحة يعلنون ولائهم لدولة لا تعترف بها الدولة التي تلقي القبض عليهم أو الأفراد المرافقون للمقاتلين أو الأطقم الملاحية لأحد أطراف الحرب أو الأفراد المدنيين الذين يحملون السلاح علناً لمقاومة الغازي. ونبه الباحث إلى أن الإعلام “المضاد” دائماً يستخدم لفظ رهائن بدلاً من أسرى وذلك لتحقيق الإدانة الدولية على الطرف الذي يأسر المقاتلين على اعتبار أن احتجاز الرهائن جريمة حرب، إذ أن الرهائن بحسب جزء من المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع هم؛ كل من يُشمل بالحماية في اتفاقيات جنيف ومع ذلك يتم إلقاء القبض عليهم أو المدنيين الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية ولا المجهود العسكري أو الجرحى والمرضى المقاتلين وغير المقاتلين.

وتابع أن القانون الدولي له شق تنفيذي لملاحقة ومحاسبة مرتكبي الجرائم الدولية وهو المعني بالمحكمة الدولية الجنائية التي أنشأتها اتفاقية روما عام 1998م ودخلت حيز التنفيذ في 2002م، مضيفاً أن هذه المحكمة معنية بأربع جرائم على سبيل الحصر هي؛ جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم العدوان، منوهاً إلى أنها تختص بكونها دائمة وتُطبق على الأفراد من رؤساء دول وقادة عسكريين وسلطة تنفيذية عليا ويمكن تفعيل قواعد التكامل مع النظام القانوني الداخلي في ولايتها، بحيث إن قامت الدول بمحاكمة الأفراد وفق قواعد قضائية جنائية عادلة تنتفي سلطة المحكمة الدولية الجنائية عن المحاسبة والملاحقة.

وفي هذا الخصوص، أشار هجرس إلى أن بعض الدول أعطت محاكمها الداخلية سلطة قضائية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الأربع الخاصة بالمحكمة الدولية الجنائية كبريطانيا وبلجيكا، وكذلك مملكة البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم (44) لسنة 2018 بشأن الجرائم الدولية، مقترحاً أن يتم تقديم بلاغ للنائب العام البحريني بضرورة محاكمة مجرمي الحرب من قادة الكيان الصهيوني بموجب البند (هـ) من المادة الثانية في المرسوم بقانون الذي تعطي النيابية العامة الحق بتحريك الإجراءات القضائية ضد أي شخص متهم بإحدى الجرائم الدولية ويتواجد على إقليم مملكة البحرين، وذلك عند تواجد أي عضو تنفيذي من حكومة الكيان الصهيوني الحالية في البحرين. ولفت هجرس إلى أن هناك سوابق قضائية في هذا الصدد على المستوى العالمي، إذ أن رئيسة حزب كاديما الصهيوني ووزيرة خارجية الكيان السابقة تسيبي ليفني قد واجهت اتهامات قضائية باعتبارها مجرمة حرب من قبل المحاكم البريطانية في 2009.

واقترح هجرس كذلك إعداد ملف متكامل بجرائم الحرب التي ارتكبها الكيان على القطاع وتسليمها إلى المدعي العام للمحكمة الدولية الجنائية، كذلك ضرورة الاستمرار في المقاطعة باعتبارها فعل ممانعة له أثر نفسي قبل أن يكون له تأثير اقتصادي، وأيضاً الضغط على النواب من أجل تفعيل أدواتهم البرلمانية بشكل فعال لتحريك الأسئلة والاستجوابات ولجان التحقيق في سبيل إلغاء التطبيع وما حمله من اتفاقيات مشؤومة على مملكة البحرين.    

المادة السابقةالمقاتل
المقالة القادمةأقل من (أضعف الايمان)

آخر الأخبار

أخر المقالات