الإمبريالية عدوّة الشعوب

0
76

 الإمبريالية فكر وأيديولوجية تقوم على السيطرة والهيمنة على مقدرات وخيرات الشعوب والبلدان المستقلة بالقوة العسكرية أو بطرق أخرى (الاقتصاد والمال والتجارة)، ومن خلال السوشال ميديا تسيطر على أغلب البرامجيات والتقنيات الحديثة وتتحكم فيها.  قال لينين: الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية، فالإمبريالية الأمريكية مثلاً لديها أذرع اقتصادية ومالية مثل صندوق النقد والبنك الدوليَين من خلالهما تفرض إملاءاتها وشروطها على العديد من البلدان التي تحتاج إلى مساعدات مالية وبالأخص البلدان الفقيرة، وتكبِّلها بالديون ولا تستطيع سدادها لسنوات فتزداد عليها فوائد الدين العام، مما يجعل تلك الدول مدينة للإمبريالية الأمريكية، ولا تستطيع الفكاك منها، والدول التي لا تروق لها ولا تدخل ضمن هيمنتها تخلق لها المشاكل والخلافات والصراعات الداخلية أو الإقليمية والدولية، وتسقط أنظمتها السياسية وتساند الانقلابات العسكرية مثلما حدث سابقاً في دول أمريكا اللاتينية  في تشيلي عام 1973 ضد الحكومة الديمقراطية المنتخبة بقيادة سلفادور اللينيدي.

 وهناك العديد من البلدان والشعوب التي رفضت الانصياع لقراراتها أو إملاءاتها، أبرزها  كوبا منذ أكثر من خمسة وستين عاماً وهي صامدة بالرغم من الحصار بكل أشكاله المفروض عليها، تواصل طريقها المستقل بالرغم من كل الصعوبات والضغوطات التي عانت منها طوال تلك السنوات، فالإمبرياليةُ الأمريكيةُ مستمرةٌ في تطبيق مبدئها القديم بأنَّه ليس لديها  أصدقاء دائمون، 

 وإنما مصالح دائمة، فقد تخلَّت عن شاه إيران  أثناء الثورة الإيرانية في عام 1979، وعن الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، في أحداث مصر في يناير 2011، والقائمة تطول ففي العديد من البلدان حول العالم تتعاطى معهم وفق مصالحها.

 وعندما أسقطت نظام صدام حسين في العراق  في إبريل عام 2003، هل كان متوقعاً بأنها سوف ترحل عن العراق، وتترك الشعب العراقي يحدد خياراته السياسية، وبأنَّها سوف تجعل من العراق “كوريا جنوبية أخرى في المنطقة؟، وتطبق الديمقراطية والحريات العامة واحترام حقوق الإنسان في العراق بدل النظام الدكتاتوري، وهي كلها شعارات تخالف الواقع، كان واهماً من صدّقها، فازداد التعصب المذهبي والعرقي في العراق، ولم يُين أو يُعمّر، بل تمَّ تخربيه وتدميره، وبرزت الصراعات والخلافات على الزعامة، كما سُرِقَت أموالُ الشعب العراقي من المحتلِّين الأمريكان وزعماء العراق الجدد، فالإمبريالية الأمريكية لا تريد عراقاً متطوراً أو متقدماً، لأنها لم تسقط نظام صدام حسين حباً في العراقيين، وأنما من أجل مصالحها في المنطقة والدفاع عن مصالح الكيان الصهيوني، فالقيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لا تعني شيئاً لها، فقد انكشفت على حقيقتها في العراق وغيره.

وهذا يؤكده ما يجري في غزّة اليوم، من عدوان صهيوني، حيث فاق عدد القتلى، حتى الآن، عشرين ألف فلسطيني، في واحدة من أكثر المجازر دمومة في عصرنا الحديث،  بعد الحرب العالمية الثانية في أعوام 1939/1945، وانكشف، مرة أخرى، وجه أمريكا القبيح، فهي الشريك الرئيسي في العدوان الصهيوني على غزّة، وليس غريباً أن  تستخدم حق النقض الفيتو في مجلس الأمن للأمم المتحدة، وترفض وقف إطلاق النار، وبكلمات فإنها تريد قتل المزيد من  الفلسطينيين الأبرياء، وهناك أنظمة عربية تدعم توجهات وأهداف الإمبريالية الأمريكية في المنطقة وتقدّم لها التسهيلات والمساعدات اللوجستية، و أنْ تخالف شعوبها المتضامنة مع الشعب الفلسطيني الشقيق، المنددة بالعدوان الصهيوني وكل أفعاله الإجرامية تجاه الشعب الفلسطيني من القتل والتدمير والتهجير بحق الفلسطينيين الأبرياء.

 أوجز لينين تعريف للإمبريالية  بقوله: “علينا أن نقول إنها هي المرحلة الاحتكارية للرأسمالية. ومن شأن هذا التعريف أن يشمل الشيء الأكثر أهمية، فمن ناحية، رأس المال المالي هو رأس المال المصرفي لعدد قليل من البنوك الاحتكارية الكبيرة جداً، مندمجاً مع رأسمال الاتحادات الاحتكارية للصناعيين؛ ومن ناحية أخرى، فإن تقسيم العالم هو الانتقال من السياسة الاستعمارية التي امتدَّت دون عائق إلى مناطق لم تستغلها أي قوة رأسمالية، إلى سياسة استعمارية للحيازة الاحتكارية لأراضي العالم، والذي اقتسم بالكامل” .

الدول التي تراهن على حماية ودعم  الإمبريالية الأمريكية لها،  رهان خاسر، فالأمثلة المذكورة سلفاً واضحةٌ. الدولة الوحيدة في المنطقة التي هي مستعدة للدفاع عنها، والذهاب أكثر من ذلك، بأن تحارب من أجلها هو الكيان الصهيوني، وما يجري في غزةَ يؤكد ماذهبنا إليه، فالأهم في الإستراتيجية الأمريكية هو الكيان الصهيوني، فهل تتَّعظ من كل هذه الدروس والعبر الدول وبالأخص العربية؟!