عقود إذعان. هكذا لخّص عضو مجلس النواب المحامي محمود الفردان طبيعة العقود التي وقعها المواطنون المستفيدون من البرنامج الإسكاني “مزايا”، وهي في الحقيقة كذلك، حيث كان إصدار هذا البرنامج حينها هو المخرج الوحيد بدلاً من الانتظار لسنوات طويلة قد تصل إلى ربع قرن في انتظار الوحدة السكنية.
وكان من استطاع من الناس اللجوء إلى هذا البرنامج الجديد رغم المحاذير والمخاوف، ولم ينظر الكثير منهم في تفاصيل تلك العقود التي وقعوها، بل إن تحقيق الحلم بامتلاك مسكن خاص هو ما طغى على أي أفكار أخرى، ولا يلام على ذلك المواطن الذي كان خياره الآخر هو انتظار المجهول.
أحد الألغام المدسوسة في تلك العقود انفجر أو يكاد مع بداية السنة الجديدة، حين أرسلت بعض المصارف رسائل الكترونية إلى عملائها أصحاب القروض العقارية بزيادة على القروض الأصلية التي كانوا قد وقعوها، وعزوا ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً وارتباط تلك المصارف مع الأسواق العالمية وانعكاسات ذلك على أداءها مما تطلب، اضطراراً، زيادة المبالغ المستحقة على المواطن. بالطبع كل هذه التبريرات المعقدة تجد لها سنداً في بنود العقد مما يعطيها “السلامة” القانونية. ولكن ذلك لا يمنع الحديث عن الجانب الأخلاقي الذي كان من اللازم ان تلتزم به المصارف وهي الأعلم من غيرها بأحوال المواطن وما يتحمله من أعباء مالية واستقطاعات تقضم من جسده بعد آن تنتهي من آخر دينار في حسابه المصرفي.
لاقت رغبة المصارف في زيادة المبالغ المستحقة على المواطنين أصداء واسعة في مجلس النواب، مثّله الرفض الحاسم من كتلة “تقدّم” البرلمانية، وأصوات أخرى برلمانية وحتى رئاسة المجلس عبّرت عن تحرك برلماني يجمع جهات الاختصاص لمناقشة تلك المسألة أملاً في كبح الزيادة المتوقعة. وأسفرت تلك التحركات عن بيان أصدره المصرف المركزي قبل أيام يتحدث عن اتفاق مع المصارف المعنية: “لإلغاء التوجه بزيادة نسبة الفائدة على بعض القروض العقارية الخاصة للمستفيدين من البرامج والحلول الإسكانية، والإبقاء على نفس نسبة الفائدة كما هو متفق عليه مسبقًا مع المقترضين”.
هكذا فقط دون أي إيضاح عن مصير المواطنين المقترضين لأسباب سكنية، أو مصير تلك الرغبة الكامنة لدى البنوك في زيادة الفائدة مستقبلاً.