Thursday, November 21, 2024

الدورة العاشرة للمنتدى الفكري السنوي تناقش قضايا الإعلام في الخليج وتحديّاته

حملت اسم المناضل أحمد الشملان

في السادس عشر من فبراير الماضي انعقدت الدورة العاشرة للمنتدى الفكري السنوي  للمنبر التقدمي بمشاركة وازنة من باحثين وإعلاميين من دول خليجية، وبحضور نوعي تميّزت به دورات المنتدى منذ تأسيسه، حيث تناولت الأوراق المقدمة في المنتدى وما رافقها من مناقشات قضايا الإعلام في دول المنطقة وتحديّاته، وعقد المنتدى دورته على جلستين أدارهما على التوالي يوسف العطوان من الكويت ومحمد فاضل العبيدلي من البحرين، وحضرت المنتدى شخصيات قيادية من الحركة التقدمية الكويتية الشقيقة في مقدمتهم الرفيق أحمد الديين، وباحثون وأدباء من سلطنة عمان ودول شقيقة أخرى.

عادل المتروك: دورة أحمد الشملان

في كلمته الافتتاحية للمنتدى قال الأمين العام للتقدمي الرفيق عادل المتروك: “يعزّ علينا أن يغيب عن منتدانا، ولأول مرة، رفيقنا الغالي وفقيد الوطن وحركته الوطنية، الرئيس الفخري لمنبرنا التقدمي المناضل أحمد الشملان، الذي غادرنا تاركاً فراغاً كبيراً، بما كانت له من مكانة كفاحية ومهابة رمزية بوصفه  واحداً من أبرز قادة حركتنا الوطنية المعاصرة، ومن أكثرهم صلابة وإيثاراً وتضحية، على مدار عقود حياته، بين السجن لسنوات طويلة، والنفي والمنع من السفر والتضييق عليه في عمله.

وأضاف المتروك: “وقد ارتأينا أن نطلق على هذه الدورة اسم فقيدنا الكبير، تكريما لذكراه وتذكيراً باقتران منتدانا هذا بحضوره، فضلاً عن عطائه الصحفي المميز، ولنؤكد أنه باق معنا، رمزاً ومغزى لمسيرة الكفاح والتمسك بحقوق الشعب، التي نعاهد فقيدنا بمواصلتها. فلروحه السلام والخلود لذكراه الباقية عبر الزمن”.

كما وجه الأمين العام تحية اجلال للأرواح الطاهرة لشهداء الإعلام والصحافة في غزّة وكل فلسطين الذين رحلوا معمدين بتاج الشهادة، وهي تعري زيف حكوماتنا قبل أن تعري الاحتلال، وتنقل لنا صوراً ومشاهد نبدو أمامها عاجزين، وشكرا للباقين منهم من مراسلين ومصورين ومنتجين”.

محمد اليحيائي: حالة خليجية عامة

الورقة الأولى في المنتدى كانت للباحث والأديب والإعلامي العماني د. محمد اليحيائي، وتناولت  “قيود وتحديّات حرية التعبير في عمان”، ملاحظاً أن القوانين والتشريعات المتعلقة بحرية التعبير والنشر في عُمان لا تختلف عنها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأخرى، من حيث كونها قوانين وتشريعات توصف بغير الصديقة لحرية التعبير، وهدفها الأساس وضع القيود والحدود، أكثر من وضع الأطر وحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات، أو حماية “المجتمع وعاداته وقيمه” من أية نصوص “خادشة” بحسب كثير من الادعاءات، لكن الذي يختلف هو الخبرات والحساسيات المعرفية لدى المشتغلين بالكتابة والنشر في التعاطي مع تلك القوانين والتشريعات، ويختلف بالتالي، ما يبدو وكأنها مساحات تتسع وتضيق على هذه الحرية بين بلد وآخر من هذه البلدان”.

وأشار الباحث إلى أن البيئة التشريعية المتعلقة بحرية التعبير والنشر في عُمان غير مواكبة للتغييرات التي شهدها المجتمع والانفتاح على ثقافات ولغات العالم المختلفة، وانعكاس ذلك على الأجيال الجديدة من العمانيين ورؤيتها للحرية ومفاهيم حقوق الإنسان باعتبارها حقوقا أصيلة وأساسية لا بد من التمتع بها وممارستها، وهو ما عبرت عنهالاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مناطق مختلفة من البلاد مطلع العام 2011 وضمن موجة احتجاجات الربيع العربي، فقد كانت المطالب المتعلقة بالإصلاح السياسي وحرية الصحافة والتعبير جنباً إلى جنب مع مطالب الإصلاح الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية.

ومع عدم إلغاء أو إجراء تغييرات في قانون المطبوعات والنشر تخفف من القيود المفروضة على حرية التعبير، ومع بقاء الرقابة المسبقة على الكتب، وانتشار ثقافة الرقابة الذاتية بين الصحافيين العاملين في مؤسسات الصحافة والإعلام المحلية، ستبقى الدعوات والمطالب بأن تكون مؤسسة القضاء هي الفيصل في قضايا حرية التعبير قائمة، بالقدر ذاته الذي ستواصل فيه مجموعة من الكتاب العمانيين رفع سقف حرية التعبير عبر النشر في الخارج والانتشار في الداخل.

حصة لوتاه: معضلة الصورة في فضاءنا الإعلامي:

الورقة الثانية كانت للأكاديمية والباحثة الإماراتية د. حصة لوتاه ، بعنوان: “تراجع الصحافة المقروءة وتحديّات زمن الصورة”، واستعرضت فيها جوانب من تجربتها الشخصية كأستاذة في قسم الإتصال في جامعة الإمارات، “في زمن لم تكن وسائل الاتصال الحديثة قد هيمنت بشكل كبير على حياة البشر فيه، حيث وجدت أن أقلّ فروع ذلك القسم التحاقاً من قبل الطلبة كان فرع الصحافة المكتوبة (جدير بالذكر هنا، أن الفرع الأكثر استقطاباً للطلبة، والطالبات كذلك، كان فرع العلاقات العامة)، مما دفعني للملاحظة والتساؤل حول أسباب ذلك العزوف عن دراسة الصحافة.

وقالت لوتاه: “لا نجافي الحقيقة، بشكل كامل، لو قلنا بأن غالبية العاملين في مجال الإعلام المرئي في بلداننا العربية، يعانون من افتقار إلى ثقافة الصورة، والكيفية التي يستقبلها بها الدماغ البشري، وكيف تتدخل في تشكيل الوعي فيه. فنحن، وعلى الرغم من تلك الهيمنة التي تحدث حولها بودريار للصورة، ودورها في تشكيل معرفتنا ووعينا بالعالم، إلا أننا نفتقر لثقافة  معرفية وعميقة لها. وهذه  المعضلة أظنها تحيلنا إلى جذر مهم من جذور ثقافتنا العربية، وهو الجذر المرتكز على مدلولات تلك الثقافة”.

ودعت إلى التزوّد “بالمعرفة التي تساعدنا على قراءة مدلولات الصور ورموزها، حتى نكون قادرين على قراءتها وانتاجها بشكل أفضل، حتى نستطيع، ليس فقط القراءة المتعمقة للصور، إنما أيضاً انتاجها بشكل أفضل.”

غسان الشهابي: صحافتنا المحلية اليوم

قدّم الورقة الثالثة الإعلامي والباحث البحريني غسان الشهابي بعنوان: “أين هي مرآتنا.. الصحافة المحلية اليوم”، وأشار فيها إلى “أن الواقع الصحافي البحريني اليوم، في شقيه الرسمي وشبه الرسمي من جهة، والأهلي من جهة ثانية، فيه عديد الإشكاليات التي تجعله غير قادر على حمل هذه الأمانة، إذ أصبحت الصحف اليومية المحلية تطلّ علينا يومياً بوجه رسمي في معظمه، وتوارت أخبار الناس، وجهود الصحافيين، والنقد الصحافي المسؤول عن الأوضاع القائمة”.

وقال الشهابي: “على الرغم من أن الحكومة توقفت عن الدعم المباشر للصحف اليومية المحلية منذ أمد بعيد، إلا أن هناك ما يشبه العرف بأن تنشر هذه الصحف الأخبار الرسمية على صفحاتها الأولى، على الرغم من الكمّ الكبير من هذه الأخبار التي تسمى بـ “أخبار السوفا”، التي يظهر فيها المسؤولون جالسون على السوفا، أسفل منهم كلام عن التنسيق المشترك، والقضايا ذات العلاقة، ولا معلومة مهمة ترد في مثل هذه الأخبار. وعلى الصحف الحرص على نشر هذه الأخبار جميعاً، وبجميع الصور المرفقة معها، مما أدى إلى طغيان أخبار العلاقات العامة الرسمية على الفعل الصحافي الذاهب إلى وضع الإصبع على الجروح، والسلبيات، والخروقات، وبطبيعة الحال الإشارة أيضاً إلى الإيجابيات والإنجازات، ولكن في السنوات القليلة الأخيرة هناك ملاحظة أعادت مقولة تشابه الصحف إلى الواجهة، لقلة، بل ندرة الأخبار الخاصة التي تميز صحيفة عن أخرى، بما فيها “الخبطات الصحافية” و”السبق الصحافي” والتنافس فيما بين الصحف من أجل تثبيت حق الجمهور في المعرفة”.

ولفت الشهابي إلى أنه نظراً لأن الحكومة “لا تساعد الصحافة بأي نوع من المساعدات على اعتبار أن المؤسسات الصحافية لا تعدو كونها مؤسسات تجارية في نهاية المطاف، يسري عليها ما يسري على المؤسسات الأخرى من الربح والخسارة، والإفلاس والتصفية، فققد حدث أن أغلقت صحيفتان يوميتان لم تتما عامهما العاشر، وصحف أسبوعية ومجلات، وذلك للعامل المالي المنهار.”

محمد العنزي: تحديثات تشريعية إيجابية رغم القيود

الباحث الرابع في المنتدى كان الإعلامي الكويتي محمد العنزي، وحملت ورقته عنوان: “ديمقراطية الاعلام”، وأشار فيها إلى أنه مع الإعلام الحديث وبرامج التواصل الاجتماعي أصبح الفرد أكثر حرية في التعبير عن رأيه وأكثر دراية لما يحدث حوله في العالم وأوسع اطلاعاً بحصوله على أي معلومة بعيداً عن رقابة الحكومات التي أصبحت رقابتها شكلية وضعفت قبضتها في ما يصل إلى المجتمع من معرفة وأحداث”.

واستدرك العنزي بالقول: “مع كل هذه الإيجابيات فإن التحديات التي تواجه الإعلام الحديث كثيرة وتتطلب عملاً لمعالجتها  خاصة لما تحمله من مخاطر شديدة على المجتمعات من تشويه للرأي العام عن طريق نشر المعلومات المغلوطة وغيرها من الأساليب التي تهدف إلى خلق التوترات في المجتمعات”.

وبعد أن استعرض الباحث التطوّر التاريخي للإعلام، عالمياً، والنظريات المختلفة التي أطرت له ولمناهج عمله، توقف عند الحال الكويتية، حيث لاحظ أنه “وعلى الرغم من وجود إرث إعلامي كبير وخبرات صحفية متميزة اكتسبتها من هامش الحريات الموجودة إلا أن الكويت لم تتجه كما الدول الخليجية الأخرى إلى إنشاء محطات إخبارية فضائية التي انطلقت منذ التسعينات وما بعدها مستمرة بالتركيز على الشأن المحلي التي يعود بعض منها لأسباب داخلية وأخرى لأسباب خارجية”.

أشار العنزي إلى أن “الحالة الإعلامية (في الكويت) شهدت  منذ عام 2006 تحديثات للقوانين المنظمة لها مثل قانون المطبوعات والنشر الذي تمّ تعديله وهو الأمر الذي سمح بإصدار صحف أخرى تجاوز عددها أكثر بحدود 15 صحيفة أغلق بعض منها لأسباب مالية (…) ولكن تعديل هذا القانون مثّلّ حالة إيجابية لحرية إصدار الصحف وعدم وجود رقابة مسبقة، رغم التشدد في الرقابة اللاحقة على المحتوى الإعلامي وزيادة العقوبات المخالفة لقانون المطبوعات والنشر خاصة بعض المواد التي تكون فضفاضة ومبهمة مثل الإضرار بالعلاقات الكويتية مع أشقاءها من الدول العربي وأصدقائها والإضرار بالعملة الوطنية والمسّ بأمور الدين تصل العقوبات في بعض الأحيان إلى السجن لصاحب الصحيفة والصحفي.”

وأشارت الورقة أيضاً إلى سماح الدولة “بالبث الفضائي التلفزيوني الخاص وانطلقت محطات تلفزيونية أبرزها محطتي الراي والوطن التي تناولتا الشأن المحلي وتقديم برامج حوارية تتعلق بالأوضاع السياسية مع هامش من الحريات التي تسمح بانتقاد واسع لأداء الحكومة”.

محمود ربيع: قراءة في تعديلات أحكام قانون الصحافة البحريني

الورقة الاخيرة كانت للمحامي والباحث البحريني محمود ربيع  بعنوان “قراءة قانونية في مشروع قانون بتعديل احكام قانون الصحافة البحريني”، عرض فيها لإيجابيات المشروع، وكذلك إلى السلبيات الكثيرة التي حواها، ومن أهم الإيجابيات وضع  اطار قانوني تنظيمي للإعلام الإلكتروني بإعتباره أحد مكوّنات المنظومة الإعلامية في مملكة البحرين.

فيما شملت السلبيات التي أفردت لها الورقة حيزاُ كبيراً، حرمان الشخص الذي لا يتمتع بالحقوق المدنية والسياسية من تملك موقع الكتروني أو المساهمة في ملكيته وهو شرط ورد في المادة 67 مكرر 3، أو أن يكون مديراً مسؤولاً عن الموقع الإلكتروني كما ورد في المادة 67 مكرر 4،  فهو قيد غير مبرر بمعاقبة الشخص المحروم من حقه السياسي في ابداء الرأي والتعبير، وقد ورد في مرئيات المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان ما يفيد التحفظ على ذلك، وحذرت من أن تبي المادة المذكوره مدعاة لتوجيه التساؤلات لمملكة البحرين أثناء مناقشة التقرير الدوري بشأن تنفيذ أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما أشار الباحث أيضاً إلى اعطاء مشروع القانون الحق للوزير في إلغاء الترخيص (م 67 مكرر 9) وهو أمر منتقد ويتعارض من التوجهات الحديثة بالتخفف من القرارات الإدارية وإيكال المهمة للقضاء في ذلك،  ويفترض أن الأمر يكون للقضاء بدلاً من الوزير، بحيث يكون القضاء هو ساحة الفصل في المنازعات بين الوزارة المختصة والصحف وأصحاب المواقع الإلكترونية، ويكون للسلطة الإدارية المختصة اللجوء إلى القضاء المستعجل أو القضاء الموضوعي بحسب الأحوال.

من السلبيات التي توقفت عندها الورقة أيضاً ورود  عبارة (مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر) كما وردت مثلاً في المادة (16) والمادة (69) أو المادة (85) تعني أن عقوبة الحبس لازالت باقية من خلال قوانين أخرى، ويُستحسن حذفها كما حُذفت من المادة (68) والمادة (71) لتطبيق مقولة الغاء عقوبة حبس الصحفي.

آخر الأخبار

أخر المقالات