استضاف التقدمي الأديب والإعلامي العماني سليمان المعمري في جلسة حوارية أدارها الدكتور حسن مدن، تناولت محطات حياته منذ البدايات، وتشكّل ملكة القصّ لديه منذ طفولته، وقراءاته الأولى، وولوجه مجال الإذاعة جنباً إلى جنب مع الكتابة الأدبية.
ردّاً على السؤال الأول حول تأثير بيئة النشأة على تكوّن ملكاته الأدبية قال المعمري إنه يرى بأن جدّه خليفة مبارك ووالدته فضيلة خليفة هما مَنْ غرسا في لاوعيه حبّ القص، فحكايات الجد والأم التي ورثت مهارة الحكي الشائق من والدها، جد سليمان، هي من ألهمت الصبي سليمان، يومها، ليس فقط بعوالمها الفنتازية والغريبة، بل أيضا بطريقتهما في الحكي وتقمصهما لأبطال الحكايات.
وحول الكتب الأولى التي أثّرت فيه وألهمته أشار، بشكل خاص، إلى روايتين: “العمر لحظة” ليوسف السباعي، و”الحب تحت المطر” لنجيب محفوظ .. فهاتان الروايتان هما بداية تعرفه على أن هناك بشراً قادرين على نسج حياة أفضل من الحياة التي نعيشها، حياة مليئة بالأمل والألم.
سنوات الجامعة
المصادفة وحدها هي من قادت سليمان المعمري إلى الالتحاق بقسم الفنون المسرحية بالجامعة، ورغم ميله يومها إلى كتابة الشعر، قال المعمري رداً على سؤال محاوره إن أستاذه في الجامعة هاني مطاوع رئيس قسم الفنون المسرحية كان يُعِدُّه ليصبح كاتباً مسرحياً من خلال تكليفه بإعادة كتابة بعض النصوص المسرحية الغربية برؤية عُمانية، الأمر الذي سيسفر لاحقاً عن كتابة مسرحيته الكوميدية اليتيمة “شكرا حاول مرة أخرى”.
ورداً على سؤال حول بدايته في كتابة القصة، أجاب المعمري بأنه في سنته الجامعية الأخيرة كتب أول قصة كردة فعل على تجربة حب فاشلة كان عنوانها “شيء ما مزق قلب السنجاب”، غير أنه يعتبر قصته الثانية هي الأهم، وعنوانها: “إني أحسدك يا جابر”، فهي التي قدّمته قاصاً أمام الناس وأمام نفسه، وكانت تدور حول تجربته في البحث عن عمل بعد تخرجه من الجامعة، التي استمرت نحو عامين.
الذي لا يحب جمال عبدالناصر
عن روايته التي لاقت صيتاً واسعاً “الذي لا يحب جمال عبدالناصر”، قال المعمري إنها انطلقت من بورتريه كتبه عن شخصية وصفها بالعجيبة من المحيطين به، رجل مصري سبعيني، متدين، ولكنه لا يطيق مجرد اسم الزعيم جمال عبدالناصر، حيث استعاد بعضاً من حكاياته وقفشاته وسجلها على الورق .. وفي منتصف طريق الكتابة حرر تلك الشخصية من الواقعية، لتصبح شخصية خيالية، أضاف عليها من مخيلته وحذف، وإذا بالشخصية تتطور، والأحداث تتشابك، وشخصيات أخرى تولد وتنمو .. وتحوّل النص من بورتوريه سردي إلى رواية .
عبد الفتاح المنغلق
بعد فوز مجموعته “الأشياء أقرب مما تبدو في المرآة”، جاءت مجموعة المعمري الثانية “عبدالفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل” التي يعدّها تجربة كتابية مختلفة، فلأول مرة يشتغل في مجموعة قصصية على شخصية واحدة .. ويبدو أن جزءاً من هذا “العبدالفتاح” كان مترسباً في أعماقه، واختار لهذه الشخصية اسم عبدالفتاح المنغلق ليشي بتذبذبه وضعفه في الحياة، انفتاحه عليها وانغلاقه في نفس الآن، وحين نبهه البعض بعد صدور المجموعة أنه – أي عبدالفتاح – يحب التفاصيل كثيراً، وليس كما يقول العنوان، شعر بالراحة لأن ذلك يعني أنه لم يعد يمثله وحده.
بين الأدب والإعلام
ورداً على السؤال حول جمعه بين الأدب والإعلام قال المعمري إن اهتماماته منذ أن كان طالباً في جامعة السلطان قابوس كانت ثقافية (تحديدًا أدبية)، فقد كان هذا هو الباب الذي دخل من خلاله إلى إذاعة سلطنة عُمان، بإعداد برنامج ثقافي كمتدرب عن عباقرة مخرجي المسرح في القرن العشرين عام، فيما استمرّ في كتابة القصة ومتابعة المشهد الثقافي العُماني باهتمام، ما جعل منه يتحوّل لاحقاً إلى اعداد عدد من البرامج الإذاعية والثقافية، خاصة بعد تعيينه رئيسًا لقسم البرامج الثقافية في الإذاعة، ومن برامجه المعروفة: كتاب أعجبني، نوافذ ثقافية، من مسافة قريبة، القارىء الصغير، الموجه للأطفال.