كانت السنة الأخيرة لنا انا ورفاقي في مسرح مركز سلمان الثقافي للاطفال عندما بلغت من العمر الثانية عشر، حينها تمّ ابلاغنا بأننا تجاوزنا السن القانوني المسموح به لعضوية المركز. اختلطت مشاعرنا بين الحزن والقلق وخيبة الأمل وبين الطموح والرغبة في البحث عن مسرح آخر يعيدنا لتلك المتعة التي كنا نعيشها، فقد أصبح المسرح جزءً منا يشكلنا ويبني ذاتنا. دعاني أحد الاصدقاء لحضور مسرحية “سكوريال”، ولأول مره أشاهد مسرحية تعرض خارج نطاق خشبة المسرح. انبهرت من العرض وأسلوبه وشكله، وكم كنت حينها أتمنى أن اكون واحداً من طاقم العمل .
في ذلك اليوم عرفت أستاذي ومعلمي عبدالله السعداوي، حينما دعاني لكي أكون تلميذاً من تلامذته ويأخذني لمكان آخر، مكان نرى الحياة ونشكّلها بطريقتنا من خلال مسرح السعداوي المجنون، وهي صفه اطلقها علينا الكثيرون، فما نقدّمه من أعمال غير تقليدية جعلت الكثيرون من المهتمين بالمسرح ينظرون لها بشيء من الاستغراب في بداية الأمر.
ومن هنا دفعنا السعداوي بجنونه المسرحي لكي نتمرد بشكل إيجابي على كل الثوابت ونخرج عن السرب ونكون كما ينبغي أن يكون مسرحنا، فنحن أمام مخاطبة عقل وليس عاطفة، أمام فكر وفلسفة. دفعنا السعداوي لكي نكون معه في هذا الجنون، وقد كان داعماً لكل التجارب الشبابية ومحفزاً لها وعنصراً هاماً في تشكيلها ونجاحها وتطورها .
شكرا لذلك الفنان الذي أسس فينا الانسانية ووجّهنا لطريق الإبداع والتميّز .
شكرا لك أستاذي ومعلمي عبدالله السعداوي