وفاء للسعداوي

0
22

“انت ولدنا”… بهذه العبارة كان لقائي الأول بالأستاذ عبد الله السعداوي في مقر جمعية المنبر التقدمي بمقرة القديم في الزنج. ولعله أصعب موقف أقع فيه حينما طُلب مني شهادة ليتم نشرها في “التقدمي”، عن الأب والمعلم الأستاذ عبد الله السعداوي-رحمه الله-لا أعلم من أين ابدأ ومن اي منظور وزاوية ممكن تناوله للحديث عن شخصية زئبقية كالسعداوي. رغم المدة الزمنية القصير/ الكبيرة لمعرفتي به، إلا انه من الصعب جداً تحديد منظور واحد عن السعداوي، هو المسرحي، وهو الإنسان، وهو الدرويش، وهو الناسك.

وبالرغم من انتقال مسرح الصواري إلى مقر جديد غير ذلك المكان الذي ألفه السعداوي لسنوات طويلة، إلا إنني لا زلت أراه  في زوايا المقر، لا زلت ارى كومة الحب الشمسي -بذور عباد الشمس- بين رجليه وعلى الطاولة وبين كتبه المرمية على الطاولة وعلامة الأكس بخط كبير بين أوراقها ليعطي اشاره من انتهاء قراءة هذه الصفحة، وصوت التلفزيون بين الأفلام فريد شوقي وهو يكرر كلمه “شوفه… ضربه” وعلى أغاني الزمن الجميل وتحديداً لشاديه وعوض الدوخي، وصوت قناة اليوتيوب التي سببت لي أزمة مع السعداوي بعد نقاش كبير حول برامج المناظرات بين الأديان، كل هذه الأشياء لا أزال اراها أمامي رغم تغيير المكان.

على وقع الرحيل، وأثر الفراق، اخترت بأن أكتب لك كلمة وفاء لا رثاء، فالرثاء يكون للأموات فقط، وأنا أراك حياً بذكراك العطرة فينا رغم رحيلك، لكن الوفاء يليق بك أكثر، فكيف لا أكون وفياً لمن كان معلمي وأستاذي وأبي الثاني، منذ أن وطأة قدمي للمرة الاولى مسرح الصواري، وانت سند وظهر لي في جميع الاوقات.