الأول من مايو والمستجدات

0
10

مرّ علينا شهر أبريل الشهر الذي اعتدنا أن نطلق فيه (كذبة أبريل) مازحين، باختلاق حدث كاذب لأجل الدعابة الفكاهية، أما اليوم لا نستطيع أن نجد كذبة للمزاح، فلا يمكن أن نُسمي قصف جنوب لبنان لشمال إسرائيل كذبة، ولا نستطيع أن نسمي قصف صواريخ القوات اليمنية لبارجات أمريكا وبريطانيا بدّقة كذبة، فصواريخهم طالت إسرائيل مستهدفة أهدافاً دقيقة، واليوم لم يعد مجلس الأمن يحذّر كوريا الشمالية بشأن تجربة إطلاق صواريخه، وأن الازمة المالية وانهيار القوة الأمريكية في العالم أصبحت حقيقة.

اليوم لم تعد الشعوب تخاف سلاطينها، حيث تستعرض كل مظالمها بوضوح غير مبالية، وقريباً ستسير مواكب ومسيرات أعيادها وسط الشوارع متباهية بانتصاراتها، في يوم لن تضرب البرجوازية (إصبعاً) افتخاراً بانتصاراتها المعهودة والتفافها على العمال وجموع الكادحين وستعود مكاسبنا ومنجزاتنا مهما طال الزمن رغم أننا نعيش وضعاً قاسياً بلغ فيه ذروة النهب بسبق الإصرار والترصد المعلن لأكثر من عشرين عاماً. نحن اليوم ليس وحدنا من سُرقت حقوقهم فقد سُرق آباؤنا من قبل رغم اختلاف سبل النهب من زمن لآخر، فالذي تغيّر هو آلية وسبل الدفاع والنضال لانتزاع الحقوق، حيث أصبح في متناولنا اليوم كل الآليات والسبل: اقتصادية وتقنية، وأصبحت لدينا القدرة في توظيف تقنية المعلومات والمفاهيم الهندسية والفلسفية والحسابية، حيث تمكنا من إدارة الصراع بوعي جعلكم تهربون من وسط هذا المعترك الذي تفوقنا فيه، من هنا وضعتم اساليب غير شرعية لإيجاد فرصة للتهرب، وبعد أن عجزتم أصبح نهجكم على المكشوف.

لقد عاش أجدادنا حقباً قاسية من الاضطهاد والنهب، حيث تفنن الاستعمار آنذاك مستغلاً عدم وجود قوى نضالية بالمعنى الذي يعيشه شعبنا اليوم، فرغم فداحة النهب بلا رقيب، حيث المستعمر ذاته هو الرقيب وهو القاضي والجلاد، أي أنه الآمر الناهي كونه مستعمراً للوطن والمواطن، بيده الحل والربط، فمن أساليب وآليات المستعمر التركيز على التفرقة بين الطائفتين الكريمتين وبث سموم الطائفية والنعرات القومية بين العرب والعجم ليحكم سيطرته الموارد الاقتصادية ويشغل الشعب ليدفعه لصراع هو غنى عنه، وفي وقت تدفع فيه قوى الخير للنضال لأجل وطن متقدم واعٍ تحارب فيه خطط المستعمر الهادفة لتكريس التخلف لكي تنفرد بالعبث بثروات واقتصاد الوطن.

 تسعى فئة من الأنانيين والانتهازيين والتعصب الظلامي في الانسياق وراء المخططات الاستعمارية البغيضة، حيث توظف مساعي الإصلاح والارتقاء في دائرة ضيقة اعتقاداً منها أن هذا يخدم ما تدعو إليه، لكنها بالعكس تسعى لتجهيل المجتمع، سواء كان هذا السلوك بقصد أم بغير قصد، حيث تسّير المجتمع طمعاً في استقطاب جماهير نحو مبادئها دون الالتفات للنسيج الاجتماعي العام لأجل التقدم ونشر الوعي لعموم الشعب. من هنا أصبح الصراع كسيحاً أثّر على المسيرة النضالية المنشودة وحرفها عن جادة الطريق وخلق فجوة بين القوى الوطنية الجادة الساعية للتنمية والازدهار والتطور الاجتماعي والقوى التي ارتأت ربط عجلة المذهبية رهناً بعجلة الإصلاح.

لقد نبهنا ولا زلنا نواصل التنبيه من الخطر الداهم (الطائفية) التي أصبحت اليوم خطراً ماثلاً بلا خجل حتى تخطى المنابر ليتسوّر المهرجانات والمحافل الرياضية.

في العام 2008 أطلق المنبر التقدمي برئاسة أمينه العام آنذاك الدكتور الرفيق حسن مدن، دعوة للحوار الوطني، على خلفية الوضع السياسي المتأزم المهدد بتدهور ومنحنى خطير، حيث نوّه مدن إلى ضرورة اللجوء لحوار سواء بين الدولة والقوى السياسية والمجتمعية المختلفة، وكذلك عبر الصحافة ووسائل الإعلام او عبر المنتديات، كما أشاد بالدعوات المخلصة في مواجهة مخاطر الفتنة الطائفية وحشد كل الجهود لتعبئة جميع القوى الفاعلة في مجتمعنا، حيث انتشار وتوسع الطائفية بصورة مبالغ فيها في وضعنا الراهن الخطير.

ولأن الطائفية آفة تؤزم وضعنا كلما انتشرت وازدادت اتساعاً، نحتاج إلى أصوات تنبه بخطورتها ونشرها وبث سمومها وسط مجتمعنا، ولتكن محافل وأنشطة عيد العمال العالمي، في الأول من مايو، خير منبر للقيام بهذا الدور.