الإفراجات فرصة لتحقيق إصلاحات شاملة

0
13

مبادرة مهمّة تلك التي أمرت بها قيادة البلاد ممثلة في جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالإفراج عن عدد غير مسبوق من السجناء والموقوفين على خلفيات أحكام مختلفة، بينهم ما يربو على 600 مواطن محكومين جنائياً على خلفيات وتبعات الأحداث التي مرّت بها بلادنا منذ سنوات، بعضهم من ذوي أحكام المدد الطويلة.  تلك المبادرة الهامة وذات المغزى استطاعت وفي غضون فترة وجيزة ان تنشر الفرح والاطمئنان والأمل في مختلف قرى ومدن البحرين، وفي نفوس العديد من الأسر البحرينية التي انتظرت طويلا خروج ابنائها ومُعيليها إلى حيث الحرية ولمّ الشمل.

 والجميل انها تزامنت مع موعد احتفالات البحرين والعالم الاسلامي بعيد الفطر المبارك.  كذلك تزامن الاعلان عن مبادرة الافراج هذه مع خطوة هامة اخرى اعلنت عنها الحكومة برئاسة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء تمثلت في توجيهاته لوزارة العمل والجهات المعنية بتسجيل من أفرج عنهم ضمن برنامج التعطل وصرف مكافآت التعطل لهم، مع اعطاءهم فرص للتدريب والعمل للاعتماد على أنفسهم واعالة اسرهم، وهي خطوة نثمنها عاليا في ظل صعوبة الاوضاع المعيشية المعاشة، نظرا لما قدمته من جرعات امل وتفاؤل لكل من تم الافراج عنهم.

لا شكّ أن هذه الخطوات تفتح المجال واسعا لخلق حالة إيجابية مرجوّة من الانسجام والثقة لدى الجميع للخروج من حالة التأزم والقنوط التي القت بثقلها على كواهل الجميع، حيث جاءت لتبعث دفقا جديدا في واقعنا الاجتماعي والسياسي الذي ظلّ في حالة مراوحة لفترات طالت كثيراً،  حتى كدنا أن نفقد قدرتنا على التحمل أحايين كثيرة.   لقد سبقت تلك الخطوات دعوات ومناشدات وجهود في السرّ والعلن كلها كانت تنشد تحقيق ولو انفراجه بسيطة في جدار الصمت والحيرة والخوف لما يخبئه المستقبل من تداعيات على المستوى المحلي وما ينفخ في تلك الحالة من تداعيات اقليمية وعالمية وما يصاحبها من تداخلات وتدخلات كم ارهقتنا وارقتنا!

 لقد عملت العديد من القوى السياسية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني ومعهم شخصيات سياسية وبرلمانية لسنوات للوصول لمثل تلك اللحظة التي تركت هذا الأثر الإيجابي المهم في نسيجنا الوطني، واسكتت دعاة الفرقة والانقسام ولو الى حين! عندما تداعت احتفالات الافراج عن ابناء الوطن وعودتهم إلى أحضان ذويهم  ومحبيهم، مؤملين أن تنسحب حالة الارتياح العام  هذه على كامل المشهد البحريني اجتماعياً وسياسياً وحتى معيشياً في القادم من الايام والشهور.

وهذا ما دعا اليه بالتحديد بيان منبرنا التقدمي عندما طالب بحلحلة لمجمل الأوضاع في البحرين ولفتح صفحة جديدة من الحوار الوطني من شأنها أن تقود لخلق واقع اكثر إيجابية، وتبييض تام للسجون وعودة المبعدين وخلق مصالحة وطنية تعزيزاً  لدولة القانون والمؤسسات، ولتبعث أملاً واعداً لكل مكوّناتنا الوطنية، وتزيد من تلاحمنا الوطني وتعيد الوجه المشرق الوضاء المتسامح لبلادنا ولشعبنا الذي يتطلع لمزيد من  الاستقرار والبناء، وأن ينعم بخيرات بلاده في ظلّ عدالة اجتماعية منتظرة تقودها برامج تنمية شاملة وإصلاح حقيقي على أكثر من صعيد، كما بشرنا بذلك ميثاق العمل الوطني منذ أكثر من عقدين من الزمن.