في صيف العام 2006 أطلقت جمعية الشبيبة البحرينية حملة وطنية نوعية وفريدة من نوعها وطريقة عملها تحت شعار عام “نريدها للجميع”، وضمّت الحملة تحت عنوانها العريض ثلاثة مسارات مختلفة ومتفقة في ذاتها وكانت حول: الاختلالات العمرانية بين بيوت آيلة للسقوط تقابلها غابات من الاسمنت والزجاج، والمحور الثاني تطرق لما تتعرض له السواحل من دفن وردم لإنجاز جزر استثمارية ومشروعات سياحية، أما أبزر محاور تلك الحملة فقد وُجه إلى جيران المصانع وما يتعرض له الأهالي وقاطنو تلك المناطق من انبعاثات غازية.
وبعد قرابة العشرين عاماً من تلك الحملة الوطنية وغيرها من المطالبات والتحركات والأهلية للمسؤولين بالنظر بعين جادة ومحايدة فيما يعانيه قاطنو تلك المناطق والقرى، وما رافق ذلك من تراجع الاهتمام الإعلامي والشعبي بمصائر الأهالي، تعود ذات الغازات لتخنق أنفاس الناس ولكن في هذه المرة ليست جزيرة سترة وحدها التي ذاقت مرارة السم، بل حتى المناطق البعيدة نسبياً كالبديع مثلاً والتي تقع في الاتجاه المعاكس جغرافياً من جزيرة سترة، تنفست ذلك الهواء الفاسد.
في المقابل، كان التعاطي الرسمي مع حادثة تسرب غاز النفثا من أحد خزانات النفط في سترة، يفتقد للشفافية الكاملة، فجاءت كل جهة تعطي توجيهات مختلفة عن زميلاتها، وكأنما لم نتعلم الدروس الصعبة التي ساقتها جائحة كرونا سيئة الصيت. لا يمكن أن يؤدي الانكار والغموض لعواقب حميدة وهي ما كانت الجهات الرسمية تقوم بنقيضه تماماً في أزمة كورونا حيث انت تقوم بنشر معلومات يومية ومؤتمرات صحفية دورية ونشرات صحية صريحة ومباشرة حفاظاً على صحة الناس وتجبناً لإيجاد بيئة خصبة للإشاعات والاخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة. في أزمة تسرب الغاز لم تقم الجهات الرسمية بذلك في البداية، حتى زاد الأمر وفاق مداه وبات الهواء ثقيلاً خانقاً عم غالبية البلد، حينما فقط جاء التغير في الموقف الرسمي.
انتشار الهواء بتلك الصورة يذكر كم هي البحرين صغيرة وأي خطر يهدد الجميع وليس محصوراً في قرية معينة لا سيما وان كانت انبعاثات غازية وهي الأخطر من حيث السيطرة والتحكم، كما أنّ التعاطي بشفافية مع الأزمات الصحية والبيئية وغيرها من الأمور التي تهم عامة الناس هي من الأولويات القصوى لحفظ صحة الناس والسيطرة على ما يمكن أن ينتج عن تلك الأزمات صحياً واجتماعياً بل وحتى أمنياً.