الوضع المعيشي للمواطنين

0
75

يُشكِّلُ الوضع المعيشي للمواطنين وجعاً يومياً لهم، سنة بعد سنة ينتظرون وبأملٍ كبيرٍ  بأن تتحسَّنَ أوضاعُهم، ولكن الأمالَ بل الأحلامَ تتضاءل، ويشعرون بأنها لن تتحقق، هناك ضعف في الرواتب والعديد من المواطنين العاملين لا يحصلون على زيادات سنوية،  حُرِمَ المتقاعدون من الزيادة السنوية  3% . بدل أن تزيد تمَّ الغاؤها، وبالمقابل تفرض عليهم الضرائب وارتفاع في الأسعار، في ظل وضع معيشي ومالي صعب  للعديد من المواطنين رواتبهم الشهرية تنتهي عند استلامها، غير القروض التي عليهم ويترتب عليها دفع فوائد شهرية للبنوك، وهناك من لا يستطيع تسديدها في بعض الشهور، وربما بشكل عام غير قادر على تسديدها، مثل هذه الظروف المعيشية الصعبة تؤدي إلى تفشَّي ظاهرة الفساد والرشاوى في الوزارات والدوائر الحكومية والقطاع الخاص في صفوف الموظفين، وهذه الظاهرة في تزايد مستمر، ممكن العودة لقراءة التقارير السنوية الصادرة عن ديوان الرقابة المالية والإدارية، بالمناسبة لم تُتَّخَذْ إجراءاتٌ صارمةٌ ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشاوى وتحديداً المسؤولين الكبار لتقديمهم للمساءلة القانونية والقضائية من الذين تمَّ ذكر أسمائهم في التقارير السنوية، لم نقرأ في الصحافة المحلية بأنه حدث ذلك .

الدولة بعيدة عن هموم المواطنين، فهي تنتهج سياسة اقتصادية ” النيولبيرالية “منذ سنوات، سياسة مدمرة وكارثية  من وصايا  البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والحكومة تنفِّذها. مثل هذه السياسة الاقتصادية تزيد الغني غنىً، والفقير فقراً، اقتصاد ريعي تابع، وغير منتج، لا يمكن أن ينشِئ وضعاً اقتصادياً مستقراً ومنتجاً، في ظل هذه السياسة الاقتصادية المتبعة!، بل تعمق من الوضع المتأزم في البلاد، وتخلق حالةً من التذمُّر في صفوف المواطنين، تضاف إلى معاناتهم في البطالة، والسكن حيث ينتظر آلاف المواطنين دورهم في الحصول على السكن، بعض أصحاب الطلبات تجاوزوا  مدة الانتظار خمسة وعشرين سنة، ناهيك عن  المعاناة في الصحة والتعليم وغيرها  من القضايا المعيشية.

يتداول بين المواطنين بأنه سوف يتم رفع أسعار الطحين والدقيق، مما يعني رفع أسعار الخبز و(الروتي)، والسؤال هنا، هل تمَّ رفع الدعم الحكومي عن الطحين والدقيق، مثلما حدث مع اللحوم، النفط ومشتقاته، الكهرباء والماء، (كأن يدعم بيت ويستثنى بيت آخر إذا كان المواطن يملك أكثر من بيت)، وهناك حديث عن تحويل هيئة الكهرباء والماء إلى القطاع الخاص، مثلما كان الحديث يدور سابقاً عن تحويل المراكز الصحية تتحول إلى القطاع الخاص بالكامل من خلال توفير (التأمين الصحي) للمواطنين.

في كلمات الدولة تتخلَّى عن مسؤولياتها في الحماية الاجتماعية والصحية للمواطنين، و هذا يعني أن المواطنين يتحملون الأعباء المالية المضافة لهم في ظل ضعف الرواتب، ووقف الزيادة السنوية للمتقاعدين 3% ، وارتفاع فاحش في الأسعار، وهناك عوائل تعيش ظروف صعبة وقاهرة لا تستطيع أن تلبِّي أبسط الاحتياجات لأبنائها، ناهيك عن احتياجاتها للصحة، التعليم، العمل، السكن، لا تتوفر مقومات العيش الكريم والحكومة ماضية في مشاريعها وبرامجها التي تنفذ وفق وصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

كلما زادت معاناة المواطنين، زاد سخطهم وتذمرهم على أعضاء مجلس النواب، وتحميلهم المسؤولية وصولاً لدعوة البعض منهم سواء كان هذا في وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجالس (بوعي أو غير وعي)، بحل مجلس النواب وتحويل الأموال للمواطنين لاسيما المحتاجين منهم، يرون بأنه جزءٌ من حل أزمة الحكومة المالية أو العجز المالي التي تعاني منه، بالرغم بأن المرء يقدر مشاعر المواطنين والمعاناة التي حلت بهم طوال تلك السنوات الماضية، ولكننا نقول بأن المسؤول عن معاناتهم اليومية ليس أعضاء مجلس النواب بل الحكومة، التي يتطلب منها كلسلطة تنفيذية القيام بواجباتها الدستورية تجاه المواطنين وتلبية احتياجاتهم، كما عليها عدم التدخل في شؤون السلطة التشريعية (مجلس النواب) للفصل بين مهام السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، لكي تقوم كل سلطة بواجباتها تجاه الشعب، وهذا يتطلب توسيع صلاحيات مجلس النواب بعد تجربة نياببة مضى عليها أكثر من اثنين وعشرين عاماً، فبدل من أن تتطور التجربة، تتراجع إلى الوراء في ظل تلك الصلاحيات الممنوحة لمجلس النواب التي تعطي مساحات أوسع لمجلس الشورى لتنفيذ أجندة الحكومة بسهولة. بالتأكيد هناك مواطنون يشعرون بالظلم والغبن بسبب سياسة الحكومة ويحمِّلون أعضاء مجلس النواب بدلاً من الحكومة، هذا لا يعفي أعضاء مجلس النواب من الوقوف مع المواطنين والتخفيف من معاناتهم، بصفتهم يمثلون الشعب، الوضع المعيشي أصبح صعباً ولا يُطاق. على الحكومة سماع أنين وصرخات المواطنين وتحقيق مطالبهم المعيشية.