مراجعة ملفات التجنيس خطوة مطلوبة

0
11

خطوة مهمة للغاية، تلك التي أقدمت عليها وزارة الداخلية في مملكة البحرين عبر إعلان وزير الداخلية بتشكيل لجنة لمراجعة ملف التجنيس منذ العام 2010، والتي جاءت كما ذكر في إعلان الوزارة ذاتها بعد قيام ادارة شؤون الجنسية  والاقامات والهجرة بتحرياتها في هذا الشأن.

نعم نقول انها خطوة مهمة،  نظراً لأن ملف التجنيس في البحرين في حدّ ذاته اكتسب أبعاداً سياسية واجتماعية هامة طيلة العقدين الماضيين ولا يزال، وذلك لاعتبارات عدة، ربما فرضتها ظروف موضوعية وذاتية، فالأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، خاصة بعد المصادقة الشعبية الكبيرة على ميثاق العمل الوطني في العام 2001 وما حملته من آمال شعبية  عريضة هي في مجملها مبررة بكل تأكيد، وما تلى ذلك من حراك سياسي واجتماعي صاخب واحداث  وخلط وتشابك كبيرين للعديد من الاوراق والملفات.

  تلك وغيرها الكثير من الإرهاصات شهدتها البلاد ولازالت بعض انعكاساتها شاخصة حتى اليوم، حتى باتت عملية التطور الاجتماعي والسياسي برمتها تحتاج لكثير من المعالجات والبرامج المؤجلة لأسباب متعددة، الكثير منها غير مبرر، لذا تحتاج، بكل تأكيد، إلى   الحكمة والتأني والشجاعة والإقدام في مقاربتها.

هذا هو بالضبط مغزى الارتياح الشعبي الكبير الذي قوبل به اعلان وزير الداخلية منذ ايام بتشكيل لجنة لدراسة هذه القضية الهامة والحساسة، نعم هي هامة وحساسة نظراً لارتباط ملف التجنيس هذا بأمور عدة ليس أقلّها الهوية الوطنية والخوف على وحدة نسيجنا الاجتماعي والوطني، والوقوف بوجه بعض التحولات والظواهر الاجتماعية التي طالما حذّرت أطراف وشخصيات سياسية ونيابية من مخاطرها، علاوة على الضغوطات الملموسة على الكثير من الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها والاحتياجات المرتبطة بتلك الخدمات، والتي تراجع بعضها بشكل واضح، نتيجة الضغوط التي فرضها التوسع السكاني نتيجة التراخي الذي حصل بالفعل في إعطاء الجنسية البحرينية في حالات عديدة لأسباب غير مقبولة، مما اضطر الدولة لإعادة النظر في العديد من الخدمات والدعوم التي تقدمها لمواطنيها، كتلك المتمثلة في المشاريع الاسكانية والطرق وشبكات الصرف الصحي والكهرباء والمدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية والادوية، اضافة إلى التغيّرات الحاصلة في معدلات الجريمة وانواعها، وبالتالي التوسع في السجون واماكن التوقيف والضغط على الخدمات وتضاءل فرص الشباب في الحصول على وظائف، والضغط الحاصل على الصناديق التقاعدية وما يعتريها من عجوزات وغيرها الكثير.

من موقعنا ككتلة برلمانية تهتمّ بمختلف االملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، فقد عبرنا نحن في “كتلة تقدم” عن دعمنا لخطوة تشكيل لجنة لمراجعة ملفات التجنيس، إلا إننا اقترحنا بوضوح أن تتم المراجعة الشاملة للملف، وذلك على مدى العقدين الماضيين، لأن المشكلة ابتدأت تطل برأسها فعليا منذ ذاك التوقيت تحديدا.

لذلك نحن نطالب  بالقيام بدراسة شاملة لملف التجنيس وانعكاسات جوانبه الخطيرة على الوطن والمواطنين، آملين أن تكون الشفافية في التعاطي مع هذا الملف هي ديدن المعنيين بتلك الدراسة، لأننا ببساطة أمام اجراء معالجة فعلية مأمولة لملفٍ طالما كان سبباً في توتير المناخ المجتمعي والسياسي، وآن الأوان لايجاد المعالجات الفاعلة تجاهه، خاصة وأن بعضاً من دول الجوار كالكويت مثلا قد باشرت بالفعل في حلحلة ذات الملف الذي ظلّ مسكوتاً عنه لعقود.

 مقدّما، نبارك جهود وزارة الداخلية في القيام بهذه الخطوة ونتمنى وضع الضوابط والالتزامات والاشتراطات التي حددها قانون الجنسية البحريني وما اجري عليه من تعديلات موضع التنفيذ، وبات من الضرورة بمكان كشف المتلاعبين والمتجاوزين والمُزورين والمستفيدين والفاسدين الذين أثروا كثيراً وتلاعبوا بهويتنا ومصالحنا الو،طنية لسنوات طويلة، وحتى يتيقن الجميع أننا بالفعل في دولة تحترم القانون والمؤسسات.. ولتكن تلك هي البداية الجادة للتعاطي مع ملفاتنا الأكثر تشابكا وحساسية، فقط نحتاج لشجاعة الموقف ووضوح الرؤية والهدف.