حينما نتبادل الرؤى قد أكون صائباً والآخر خائباً والعكس صحيح، وعندما أستبسل في الدفاع عن رؤاي بالطبع لا يعني أنني على حق بالضرورة، ولكن استبسالي دفاعاً عما أعتقد صحته، فقد تتبلور الأمور وتصبح صحة رؤى الطرف الآخر، لأننا نتحاور لبينة وصحة الرؤى التي تخدم المجتمع بكل أطيافه.
من هنا نقول إن سرعة الحسم الآنية ليست صحيحة، وقد تكون غير مثمرة، وبالتالي لا تهدف إلى تبني روية الطرفين المختلفين، لأن صحة الرؤى تكمن في قياس الجوانب الأمنية المتدهورة، وذلك لضعف مركزية الجهة التنفيذية والفلتان الأمني غير المحسوب، الذي نحتاج وعياً ينير دربنا نحو أقاصي المعرفة.
فالعلم والثقافة يزخران بنور يفتح دروباً للمفاهيم والتوسع في المدارك، فلولا سعة العلوم والمفاهيم لما ولدت الفطنة والذكاء والعقلنة، لكن حينما تصبح مكافحة الظلم خطوة صعبة المراس، رغم إن الكفاح ضرورة لحل مشاكل راهنة تشكل مفتاحاً لحل الكثير من هموم المجتمع المغلوب على أمره، فعلينا أن لا ندع باب الحوار مغلقاً لكي نتحاور لنصل للمعرفة ونتجاوز السطحية والمعوقات والتقوقع والتهميش والعبوس لكي ننجز ونحقق آمال وتطلعات ما نصبوا إليه وما ننشده من تطور ونماء لخير هذا الوطن المعطاء وكلنا أمل وإصرار لهذا التوجه.
وكلما تأخرنا عن العطاء مستثمرين عقولنا التي لم تشيخ بعد كلما تأخرنا عن فهم واقعنا الذي نعيشه فنخسر بذلك يوماً من أيام فهم هذا الواقع، حيث إعطاء وجهة نظر عما يجري لأحداث وهموم هذا اليوم الذي يمر علينا لأن نشعل شمعة كلما خيّم الظلام، وأن نعدّ العدة حينما تتلبد الغيوم وتنذر بيومٍ ممطر غارق، علينا أن نتفهم قراءة التاريخ لنعرف حياة الشعوب لأنه مفتاح للتمعن في شخصيات الناس المنهكة والتعرف عن نكباتهم ومحنهم.
في هذه الصعوبات التي جعلت من صراعنا صراعاً غير مبرر، ولو تأملنا لحقول المعرفة التي تخدم الإنسان وبناءه ومدارك حقائق ودقائق احتياجاته لتحققت الكثير من الآمال التي نتطلع إليها جميعاً.
هناك الكثير من المهام الملقاة على عاتقنا بصفتنا نسعى لمستقبل وطن ينعم فيه المواطن بالكرامة والخير والنماء، نطمح لمكتسبات سبق وأن نلناها بنضالنا وتضحياتنا واليوم نحرم منها بجرة قلم بلا مبرر، والذي أجبرنا على الإصرار على انتزاعها، كما نطالب بالتعويض بعد أن أصبحنا في وضع نرزح فيه تحت خط الفقر المدمر، نغصّ علينا عيشنا، وبهذا صمدنا في نضالنا بصبر وعقلانية وتأنٍ لأننا لا نريد حلولاً متطرفة ومغامرات لا تجدي نفعاً، فليقدر المعنيون سلوكنا وهدوئنا هذا، نرتقي لمسار يتبناه ويتفهم شرعيته الجميع، حين الاستبسال للذود عن الحقوق، لكي لا تدخل الانتهازية في (اللعبة)، حيث المغامرات المتهورة التي تسوقنا للجحيم.
نحرص وكلنا أمل أن ينتبه المعنيون لما نكابده من أوجاع أرهقتنا وجعلت من اقتصاد الوطن في مهب الرياح، حيث أصبح الأجنبي يعيث فساداً على مرأى المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دون الالتفات للمواطن لإعطائه مجالاً لمعالجة هذا التلوث غير الطبيعي.
لقد تدحرج واخذ منحىً سلبياً نحو الأسوأ حتى ساد التخبط وانحرفت البوصلة عن مسارها، لكن هناك لاتزال بارقة أمل للإصلاح، لأننا لا نرى الأمور بعينين سوداويتين، لنتوقف برهة لنتأمل متى ستنقشع الغيوم لنعبر نحو حياة أفضل من معايشة وضع مؤلم كهذا، فأمامنا كم هائل من الحلول، فكلنا نعرف الخطوات التي تبني وتضع حلولاً ناجعة بوتائر مدروسة.