التجنيس خطأ كبير بحقّ الوطن والشعب

0
83

الحديث عن  التجنيس في البحرين ليس بجديد. سبق أن كتبتُ في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 2002، وفي عام 2005، عن مخاطره وأبعاده وآثاره السلبية والخطيرة على الوطن والشعب. ذات يوم من عام 2002 بعد صدور دستور مملكة البحرين في فبراير من نفس العام، كنت أتبادل الحديث أو الحوار مع شخصية قيادية معارضة عن التجنيس، قلت له بأن التجنيس أخطر من الدستور الصادر بإرادة ملكية، كانت هناك معارضة للدستور من قبل أطراف عدة في المجتمع وقت صدوره، قال لي كيف ذلك؟، أجبته: تكمن خطورة التجنيس بأن المجنسين سوف يصبحون مواطنين بعد عدة سنوات، عشر أو عشرين وأكثر، ومن الصعوبة إسقاط أو سحب الجنسية منهم، إلا في حالة الخيانة للوطن وربما توجد معطيات أخرى، ولكن الدستور يمكن تغيير مواده بعد سنوات عدة من خلال هذا الجيل أو الأجيال القادمة .

الطامة الكبرى التجنيس وتبعاته السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية والإسكانية وخلق إشكاليات في المجتمع، فالبحرين مساحتها صغيرة ولديها كثافة سكانية كبيرة، لا يمكن أن تستوعبَ هذه الإعداد الكبيرة من المجنسين وبالآلاف، والدولة لا تستطيع توفير الخدمات الأساسية لأبنائها، فكيف الحال للمجنسين. بسبب التجنيس أصبحت الدولة عاجزة عن توفير حتى أدوية علاجية للمواطنين، ناهيك عن رفع الدعم عن بعض المواد والسلع الضرورية، وارتفاع الأسعار وازدياد التضخم، ورفع الرسوم واستحداث رسوم جديدة والضرائب، التجنيس سبب رئيسي فيما يحدث من أوضاع معيشية صعبة تعاني منها أعداد كبيرة من المواطنين، غير السلوكيات الطارئة على مجتمعنا، فالشعب البحريني معروف بالطبية وحسن الأخلاق، ماحدث بعد التجنيس كارثة مجتمعية آثارها واضحة في البلاد. 

 لم تفعلها أي دولة خليجية بأن جنَّست هذه الأعداد المهولة ومن جنسيات مختلفة، وهناك تساؤلات وأحاديث تطرح في المجالس والسوشال ميديا، هل التجنيس تمَّ وفق قانون الجنسية الصادر في عام 1963، وماهي مؤهلات المجنسين، وهل البلاد في حاجة لهؤلاء المجنسين، ولماذا مراجعة ملفات المجنسين حالياً، حسب تصريح معالي وزير الداخلية الصادر فى 18 يونيو 2024 بمراجعة جميع حالات اكتساب الجنسية البحرينية اعتباراً من 2010 بسبب اكتشاف من تحصَّلوا عليها بالمخالفة للقانون.

جاء في التصريح: (بناء على ما أسفرت عنه نتائج التحريات والمراجعات التي قامت بها شئون الجنسية والجوازات والإقامة للحاصلين على الجنسية البحرينية والتي تبين من خلالها وجود أشخاص تحصلوا على الجنسية البحرينية بالمخالفة للقانون أو من خلال تقديم معلومات وبيانات غير صحيحة أو مستندات مزورة، وعلى أثر ذلك فقد شكل معالي وزير الداخلية لجنة لمراجعة جميع حالات اكتساب الجنسية البحرينية اعتبارا من عام 2010 للتأكد من صحة البيانات والمستندات التي تم على اساسها نيل شرف الجنسية البحرينية لاتخاذ ما يلزم بهذا الشأن).

شيء جيد تشكيل لجنة وإن جاءت متأخرة من قبل وزارة الداخلية، رحب شعب البحرين بها، نأمل أن تحقق المرجو منها، لكي يطمئن المواطنون على  مستقبلهم في هذا الوطن .في العديد من دول العالم هناك  تجنيس، ولكن الذين يتم تجينسهم وفق معايير وشروط، ولديهم مؤهلات علمية وأكاديمية، لا تتوفر لدى أبناء تلك البلدان التي تمَّ فيها التجنيس، وتكون إضافة نوعية لتطوّر وتقدّم  البلاد ويستفيد منها المواطنون قبل المجنسين الجدد في بلادهم، وهناك من قدم خدمات كبيرة في مجالات وميادين عدة، هؤلاء يستحقون التجنيس . 

الذي حدث في بلادنا  يختلف عن أي  تجنيس حصل في دولة  من دول  العالم، و إن حدث وفق أسس صحيحة وواضحة ، بعكس التجنيس العشوائي عندنا الذي أضرَّ بالدولة والمواطنين وبدأت آثاره السلبية تبرز في المجتمع وتشكل قلقاً كبيراً في أوساط المواطنين، وتحرج الحكومة أمام دول الجوار الخليجية، فهم يعرفون أخلاقيات وسلوكيات أبناء البحرين. 

لهذا ليس غريباً بأن يرحب المواطنون في المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي، بتصريح معالي وزير الداخلية المذكور سلفاً، والذي نأمل بأن يكون بمثابة حركة تصحيحية لخطأٍ كبيرٍ بحق الوطن والمواطنين.