رأي في رواية “قناع بلون السماء”

0
12

ثمة ثبات عميق بداخلي يرفض أي عمل أدبي تشمّ منه رائحة القبول والتعامل مع مغتصب ولو كان بأدنى حدوده وبصرف النظر عن الغاية، خصوصاً أنه بالمجمل سينتمي إلى الأدب الفلسطيني شئت ذلك أم أبيت.

منذ مفتتح القراءة في الفصل الأول والذي قدَّم به الروائي الشروحات المفصلة لسير أحداث الرواية التي ينوي (نور الشهدي) كتابتها وسعيه لتتبع أثر مريم المجدلية في محاولة منه لإثبات تاريخيتها لينتهي به الأمر لاعتباره في نهاية العمل الروائي على أنه شيءٌ من العبث.

وكم أرجو الا أزعجه في الاستخفاف بجهده البحثي كما فعل صديقه المقرب إليه (مراد) والتي أظنّها شخصية وهمية ابتدعها الروائي لإجراء الديالوغ الداخلي بينه وبين نفسه للتخفف من خطورة ما ينوي القيام به، عبر الرسائل الصوتية التي كانت تلوي عنق السرد بين الحين والآخر.

أما عن (مهدي الشهدي) والد نور، بطل الانتفاضة وسيد أزقة المخيم والمطارد الذي لقَّن أعداءه دروساً في المقاومة والذي ينتهي به الأمر إلى عربة الشاي والقهوة بعد أن وقع تعهداً بعدم العودة إلى العنف.

وعن أزقة المخيم يتحدث (نور الشهدي) باقتضاب وإنكار يقول: إنها تسيء لصباحاته!!، متبابعاً: “ليس ثمّة معنى لاسم المخيم الفلسطيني إلا عندما ترتكب فيه المجزرة، ليصبح اسماً من المآسي في تاريخ الإنسانية”. رغم صحة هذا الرأي جزئياً، إلا أن للمخيمات قيمة كبيرة عند أصحابها ومنها خرج المناضل والمبدع والمثقف.  

(أور شاييرا) الشخصية المنتحلة من قبل نور الشهدي والتي من خلالها صدَّر لنا الانتحال على أكمل وجه متذرعاً على أنها ستساعده في غرضه البحثي لروايته المنتظرة. (أور) والشخصيات الثانوية التي قابلها وحاورها بلغتها، السلوكيات والمشادات جاءت لتخدم التطبيع بشكل صريح وواضح مؤكداً بذلك قوله: (ربما كان بي أثرٌ من أور). بين السكناجي والاشكنازي (الشخصية الحقيقية لنور والمنتحلة).

كان سرد رواية قناع بلون السماء، حتى ظهرت له (سماء اسماعيل) طالبة الدراسات العليا في حقل الآثار، والتي تعبر عن نفسها وانتماءها بكل يقين وشجاعة تقول: (أنا من حيفا، من هذه البلاد) لتضغط على وتر شديد الحساسية في عمق أعماق نور مهدي المشهدي، وبعد صراعه الداخلي يقرر الانسحاب من المغامرة التي اعتبرها شيئاً من العبث وعودته إلى أزقة المخيم من جديد. وفي معنى كلمة قناع بالعبرية، مسخاً.