أمريكا شريك في العدوان

0
141

نحو أحد عشر شهراً مرّت منذ أن شنّت إسرائيل عدوانها الوحشي على قطاع غزّة، الذي راح ضحيته حتى الآن أكثر من خمسة وخمسين ألف شهيد، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن تدمير مدن القطاع وبلداته، ومواصلة تهجير أهالي القطاع  من منطقة إلى أخرى، ليعيشوا في العراء، ولم تسلم حتى المستشفيات والمدارس التي أصبحت أماكن إيواء تابعة لمنظمات الإغاثة العالمية، من القصف الهمجي الذي راكم الجثث تحت الركام.

منذ بدء العدوان كانت الولايات المتحدة شريكاً مباشراً فيه. إلى تل أبيب طار الرئيس العجوز بايدن لإعلان دعمه لحرب الإبادة، حتى أنه شارك في اجتماعات عسكرية إسرائيلية لرسم خطط الحرب، ومثله أتى وزير خارجيته بلينكن مرارأً إلى المنطقة، تارة للتأكيد على دعم العدوان حدّ الجهر بأنه في تل أبيب ليس بصفته وزيراً لخارجية أمريكا، وإنما بصفته يهودياً، وتارة للمساعدة في انجاح مفاوضات التوصل إلى هدنة أو نهاية للحرب، التي كشفت، في كل مرة، أن واشنطن ليست أهلاً لأن تقوم بدور وسيط في المفاوضات، كونها ممتثلة للشروط الصهيونية التي يُعلي منها رئيس وزراء الكيان نتنياهو في كل جولة، فارضاَ المزيد منها كلّ مرة.

رغم كل الضجيج الإعلامي عن ضغوط يمارسها الرئيس الأمريكي جو بايدن على نتنياهو، لا يوجد أدنى دليل جدي، يعتدّ به، على صحة ذلك. منذ بدء العدوان على غزّة ونتنياهو يتجاوز ما كانت تعدّ خطوطاً حمر، ولا تفعل واشنطن شيئاً لكبح هذا الاندفاع الطائش الذي يسبب في سقوط المزيد من الضحايا، ويحدث الكثير من الدمار والخراب، فلم تتوقف شحنات الأسلحة الامريكية المتدفقة إلى تل أبيب، والمعونات المالية لها، وعند كل منعطف ينذر بتوسع اقليمي للحرب، تتوجه حاملات الطائرات والغواصات الامريكية والأطلسية إلى المنطقة، لحماية إسرائيل من أي استهداف محتمل، ناهيك عن المعلومات الاستخباراتية التي تقدّمها واشنطن للجيش الإسرائيلي، وهو ما يجاهر المسؤولون الأأمريكيون به ويتفاخرون.

عند كلّ محطة من محطات الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، لا يصادفنا أي تصريح أمريكي ينطوي على تعاطف مع محنة الفلسطينيين، ودعوة للاستجابة لحقوقهم الوطنية المشروعة في اقامة دولتهم المستقلة على أرضهم، فما نسمعه من هذه التصريحات منصبّ على “أمن” إسرائيل وحمايتها، والتعهد بالوقوف معها لمواجهة أي خطر تواجهه.

العدوان على غزّة ما كان سيكون وسيستمر كل هذه الشهور بكل الجرائم الناجمة عنه لولا الدعم والمؤازرة من واشنطن، ما يجعلها شريكاً فعليّاً في هذا العدوان.