قراءة نقدية للمرسوم بقانون رقم (7) لسنة 2024 بتعديل المادة (28) من قانون المجلسين

0
5

تقديم:

تثبت كل الشواهد منذ صدور دستور 2002، وخلال التجربة البرلمانية في فصولها التشريعية المتعاقبة مدى تغول وهيمنة السلطة التنفيذية على وفي أعمال السلطة التشريعية، فأصبح العمل البرلماني مُقيّداً لاحول له ولا قوة  في ظل التشريعات المتعاقبة التي أضعفت صلاحياته في الرقابة والتشريع وفي ظل المراسيم بقوانين التي تصدرها السلطة التنفيذية ما بين أدوار الانعقاد أو ما بين الفصول التشريعية، فاضحت هذه المراسيم بقوانين هي الأصل في العملية التشريعية، ولو حصرنا عدد المراسيم بقوانين التي اقترحتها السلطة التنفيذية، لوجدناها تفوق تلك القوانين التي اقترحها النوّاب وصدرت عن المجلسين طوال الفصول التشريعية.

وقد نال هذا التغوّل من قبل السلطة التنفيذية من مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث مع تعاونها وفق أحكام الدستور، وان الشعب مصدر السلطات الذي نص عليه ميثاق العمل الوطني والدستور، فأصبحت نظرية الفصل بين السلطات مع تعاونها التي تشير إليها النصوص الدستورية يكذبها الواقع السياسي في البحرين، فتحولت السلطة التنفيذية بما أصدرته من مراسيم بقوانين إلى سلطة تشريعية على غير ما يقتضيه هذا المبدأ.


ولعل قيامالسلطة التنفيذية مؤخراً وفي غيبة انعقاد المجلسينبإصدارالمرسوم بقانون رقم (7) لسنة 2024 بتعديل المادة (28) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب والمتعلقة بأحكام اسقاط العضوية من مجلس النواب، مثال بارز ومعاصر يثبت مدى تدخل السلطة التنفيذية في وعلى إعمال السلطة التشريعية، يعزز صحة ما ذهبنا إليه وهو وما يدعونا لقراءة ومناقشة هذا المرسوم بقانون والاحكام المترتبة على إصداره، في المحاور التالية:

أولاً: حالات سقوط وبطلان العضوية وحق الجهات الرسمية

في طلب إبطال العضوية

نصت المادة (28) من قانون المجلسين محلّ التعديل الذي نص المرسوم بقانون في الأصل على حالات سقوط وبطلان عضوية عضو مجلس النواب فيما يلي:

  1.  تسقط العضوية إذا فقد أحد شروط العضوية أو إذا فقد الثقة والاعتبار أو أخلّ بواجبات العضوية.
  2. وتبطل العضوية إذا تبين أن العضو كان فاقداً لشروط العضوية عند الانتخاب.
  3. وحصر الجهة التي تصدر قرار إسقاط أو بطلان العضوية هي مجلس النواب وجوباً بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ويكون التصويت في هذه الحالة بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم.

غير أن التعديل الذي أجرته السلطة التنفيذية مؤخراً وفي غيبة انعقاد المجلسينبتعديل المادة المذكورة جاء بالاستبدال كما يلي:

(تسقط العضوية عن عضو مجلس النواب إذا فقد الثقة والاعتبار أو إذا أخل بواجبات العضوية، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ويكون التصويت في هذه الحالة بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم.

وتبطل العضوية إذا تبين أن العضو كان فاقداً لشرط من شروطها عند الانتخاب أو أثناء عضويته بالمجلس. وللجهات الرسمية – في أي وقت – أن تطلب من محكمة التمييز الحكم بإبطال العضوية في هذه الحالات. ويترتب على حكم المحكمة بإبطال العضوية إسقاط العضوية عن العضو من تاريخ صدوره، ولا أثر له على ما قام به العضو من أعمال داخل المجلس في الفترة السابقة أو ما حصل عليه من حقوق.)

ولعل أبرز ما يعيب هذا التعديل هو ما نصت عليه هذه الفقرة الثالثة من نص التعديل التي أعطت الجهات الرسمية الحق في أي وقت أن تطلب من محكمة التمييز الحكم بإبطال العضوية إذا تبين أن العضو كان فاقداً لشرط من شروطها عند الانتخاب أو أثناء عضويته بالمجلس. ويترتب على حكم المحكمة بإبطال العضوية إسقاط العضوية عن العضو من تاريخ صدوره، ولا أثر له على ما قام به العضو من أعمال داخل المجلس في الفترة السابقة أو ما حصل عليه من حقوق.

ولكن السؤال المركزي هو: هل جاء التعديل الذي أجراه المشرع العادي على المادة (28) من قانون المجلسين منسجماً ومتفقاً مع حكم المادة (99) من الدستور؟ التي نصت على: (إذا ظهرت حالة من حالات عدم الأهلية لأي عضو من أعضاء مجلسي الشورى والنواب أثناء عضويته تسقط عضويته، ويصبح محله شاغراً بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الذي هو عضو فيه. كما يجوز إسقاط عضوية أحد أعضاء مجلس الشورى أو مجلس النواب إذا فقد الثقة والاعتبار أو أخل بواجبات عضويته. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الذي هو عضو فيه، ويرفع القرار إذا كان صادراً عن مجلس الشورى إلى الملك لإقراره).

يتضح من النص الدستوري أن حالات إسقاط العضوية لأي عضو من أعضاء المجلسين أثناء عضويته تكون في حالات عدم الاهلية، أي الأهلية القانونية العامة التي تعنى صلاحية الفرد أو الكيان القانوني لممارسة الحقوق وتحمل الالتزامات والقيام بالتصرفات القانونية، فإن المشرع الدستوري لم يشأ أن يقصرها على حالة معينة بذاتها وهي تشمل بالضرورة الأهلية الانتخابية أي شروط العضوية التي نص عليها الدستور وقانون المجلسين، والمشرع حين استخدم عدم الاهلية أراد بذلك أن تشمل عوارض الأهلية التي قد تلحق العضو مثل الجنون، أو موانع الأهلية مثل الحكم بعقوبة جنائية أو الغيبة أو الفقد، ويشمل ذلك إذا فقد الثقة والاعتبار أو أخل بواجبات عضويته، وأن الذي يطلب ويقرر سقوط وإسقاط العضوية هو وحده مجلس النواب بقرار منه بأغلبية ثلثي أعضاءه، ولم يقرر المشرع الدستوري لأي جهة أخرى بما فيها الجهات الرسمية حق التقدم بطلب إبطال العضوية.

وتؤكد المذكرة التفسيرية للدستور ما ذهبنا إليه حين فسرت المادة (99) من الدستور سالفة البيان جاء فيها (…. وضمانا لسلامة استخدام هذا الحق، اشترطت المادة أن يصدر قرار إسقاط العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الذي ينتمي إليه العضو…).

مما تقدم يمكن القول ما يلي:

  1.  لما كان من المقرر والمستقرّ في الفقه والقانون الدستوري هو عدم جواز أن يصدر قانون بالمخالفة لإحكام الدستور، وأن على الدولة أن تخضع بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقرراً وحكماً لازماً لكل نظام ديمقراطي سليم، فإنه يكون لزاماً على كل سلطة عامة أيا كان شأنها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، فأن تعديل المادة (28) من قانون المجلسين، على نحو يعطى الجهات الرسمية الحق في أي وقت أن تطلب من محكمة التمييز الحكم بإبطال العضوية إذا تبين أن العضو كان فاقداً لشرط من شروطها عند الانتخاب أو أثناء عضويته بالمجلس، تحوم حوله شبهة دستورية واعتدى وتغول وعدل في حكم المادة (99) من الدستور.
  2.  في ندوة للأستاذ الباحث القانوني خالد إبراهيم هجرس في مجلس الدوي حول (قواعد إبطال العضوية النيابية وسابقة حكم التمييز) كان يرى أن النص السابق كان مشوشاً ومنتقداً حين جعل الابطال والاسقاط في يد المجلس والمعروف في فقه الإجراءات أن الابطال يكون قضائيا فكيف يمكن لسلطة غير قضائية الحكم بالإبطال، ومن وجه نظره بان التعديل بموجب المرسوم بقانون في هذه الجزئية قد اجاد وهي جزئية يعتقد إنها موفقه لأنه فصل بين ألية الاسقاط والابطال).

ومع اتفاقنا مع ما ذهب إليه الأستاذ خالد في هذه الجزئية، غير أنه لم يلاحظ أن هذا التشوش مصدره واساسة النص الدستوري في المادة (99) وتفسير المذكرة التفسيرية لهذه المادة التي أعطت جميع حالات اسقاط العضوية بما فيها فقد شروط العضوية لمجلس النواب بأغلبية الثلثين، وكان يتعين معالجة المشكلة في النص الدستوري وليس من خلال تعديل نص المادة (28) من قانون المجلسين، كما انه لم يشر في مداخلته إلى أن المشرع العادي حين عدل المادة المذكورة قد تجاوز النص الدستوري حين قرر حق الجهات الرسمية في التقدم بطلب إبطال العضوية، ولا يصح القول هنا أن نص المادة (99) من الدستور لم تنص على حالة الابطال وبالتالي يجوز للمشرع العادي صلاحية تنظيم عمل واختصاصات مجلس النواب، ذلك أن الدستور وان لم يكن قد نص على مفردة بطلان العضوية فانه نص على اسقاطها في حالة فقد شروط العضوية، وشروط العضوية لا تتعلق إلا بالبطلان.

ثانياً: عدم توافر شرط الضرورة في المرسوم بقانون

إن سلطة إصدار القانون في الأصل يتعين أن تكون للبرلمان، وبنص الدستور في المادة (70)لا يصدر قانون إلا إذا أقره كل من مجلسي الشورى والنواب أو المجلس الوطني بحسب الأحوال، وصدق عليه الملك.

غير أن دستور البحرين وضع استثناء على هذا الأصل شانه شأن معظم الدساتير العربية والعالمية نصت عليه المادة (38) من الدستور واجازت لجلالة الملك أن يصدر مراسيم بقوانين في غيبة المجلسين أي فيما بين أدوار انعقاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو في فترة حل مجلس النواب وتكون لها قوة القانون سارية المفعول ويجب عرضها على المجلسين في المواعيد المحددة بنص المادة المذكورة ، فإذا لم تعرض زال ما كان لها من قوة القانون، وإذا عرضت ولم يقرها المجلسان زال كذلك ما كان لها من قوة القانون، ويشترط فيها أن تكون هناك ضرورة لإصدارها في غبية المجلسين، وأن لا تكون مخالفة للدستور.

غير أن الأسئلة التي تثار في هذا الصدد، هل هناك ضرورة أي ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير لإصدار هذا التعديل بأداة المرسوم بقانون كما اشترط الدستور؟ وهل يكون لهذا المرسوم بقانون بتعديل المادة (28) من قانون المجلسين أثر رجعي إذا لم يقره المجلسان فيزال ما كان له من قوة القانون؟

في شرط الضرورة

لم نطلع على مبرر الضرورة أو التدابير الذي لا يحتمل التأخير الذي استندت إليه الحكومة في إصدار التعديل باستبدال المادة (28) من قانون مجلسي الشورى والنواب بأداة المرسوم بقانون، وعليها تقديم هذا المبرر في مذكرته الإيضاحية حين يعرض على المجلسين، ومع ذلك فأنه يمكن نشير إل ما يلي:

  • أن المشرع الدستوري البحريني لم يحدد نوعية الظروف وشروطها التي تستوجب اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير في المادة (38) من الدستور، شانه شأن بعض الدساتير في البلاد العربية، فأنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة في نظرية الضرورة والتي تشترط في هذه الظروف التي تؤدي إلى استخدام أداة مراسيم الضرورة:
  • ان يكون هناك خطر جسيم
  • وان يكون هذا الخطر حالا.
  • وان يتعذر دفعه بالطرق العادية

 فلا يجوز لرأس الدولة ان يلجا إلى اصدار لوائح الضرورة في حالة عدم وجود خطر جسيم وحال يهدد كيان الدولة أوفي حالة قدرة البرلمان على مواجهة هذه الظروف، أو في حالة عدم عجز القوانين القائمة عن مواجهتها.

ب-المقرر في القانون والفقه الدستوريين أن الضرورة هي حالة استثنائية فانه لا يجوز التوسع فيها على حساب الأصل في ان تكون سلطة التشريع بيد البرلمان، وإذا كان المقرر أن تقدير الضرورة متروك لرأس الدولة فأن هذا التقدير يخضع لرقابة البرلمان كما يخضع لرقابة المحكمة الدستورية.

  •  قد يكون تبرير الضرورة أو التدابير الذي لا يحتمل التأخير الذي ستستند عليه السلطة التنفيذية في صدور المرسوم بقانون محل موضوعنا، هو اكتشافها خلال إجازة المجلسين بعد فض دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي السادس وجود أعضاء من مجلس النواب لا تتوافر فيهم شروط العضوية عند انتخابهم، فأن هذا التبرير أن ركنت عليه مردود عليه بما يلي:

إن اكتشاف أو علم السلطة التنفيذية بعد انتهاء الدور الأول والثاني من أدوار انعقاد مجلس النواب بوجود بعض أعضاء مجلس النواب فقدوا شروط العضوية عند الانتخاب، لا يجوز الاستناد إليه كتدابير لا يحتمل التأخير يجعلها أن تشرع مرسوما بقانون يعطي الجهات الرسمية الحق في طلب إبطال عضوية عضو مجلس النواب، ذلك لأنه فضلا عن عدم دستوريته كما اسلفنا، فان هذا السلطة بما تملكه من بيانات ومعلومات – وهي وتملكها- عن الناخبين والمرشحين عند إجراء العملية الانتخابية وكان عليها أن تعلم – وهي تعلم- إن كان المرشح لمجلس النواب تتوافر فيه شروط الترشح من عدمه عند الترشح وذلك من خلال اللجنة العليا للأشراف العام على سلامة انتخاب أعضاء مجلس النواب في جميع الأمور التي تعرضها عليها لجان الاشراف على سلامة الانتخاب ويعاون هذه اللجنة العليا الجهاز المركزي للإحصاء الذي يتولى القيام بأعمال التحضير والإعداد للاستفتاء والانتخاب والترشيح والإشراف على جميع الأعمال التقنية اللازمة لذلك، أو من خلال لجنة الإشراف على سلامة الانتخاب في كل منطقة انتخابية التي من ابرز مهامها تلقى طلبات الترشيح وفحصها حسب نص المادة (7) من قانون مباشرة الحقوق السياسية.

فاذا كان الامر كذلك فأن التدابير الذي لا يحتمل التأخير أي شرط الضرورة الذي جعل من السلطة التشريعية لإصدار المرسوم بقانون محل موضوعنا لا يتوافر فيه الخطر الحال الذي يكون على وشك الوقوع يتطلب من السلطة التنفيذية توقيه بإصدار مرسوم بقانون في غيبة المجلسين، فهو قد وقع أو يقع عند تقديم المرشح أوراق ترشحه وفحصها من قبل الجهات أو اللجان المشكلة على سلامة الانتخاب، وعلى وجه الخصوص فحص الشروط التي اوجبها المشرع في المرشح لمجلس النواب فان كان متجنساً مثلا فانه يتعين على لجان سلامة الانتخاب معرفة المدة المشروطة بعشرة سنوات من تجنسه، وما إذا كان يحمل جنسية أخرى من عدمه.

والبناء على ما تقدم فأن إصدار السلطة التنفيذية المرسوم بقانون محل هذا البحث يكون خالف ما اشترطته المادة (38) من الدستور بضرورة وجود الضرورة أو التدابير الذي لا يحتمل التأخير، ويكون مطعون فيه لهذا السبب بعدم دستوريته.

في عدم رجعية المراسيم بقوانين


يقصد بمبدأ عدم رجعية القانون عدم سريان إحكامه على الماضي، أي أن أحكامه لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل به ولا تنعطف آثاره على ما يقع قبله، غير انه يجوز استثناء من هذا الأصل سريانها بأثر رجعي إذا نص القانون على ذلك وفي المواد الجنائية إذا كان القانون أصلح للمتهم.

فكيف هو الحال في المراسيم بقوانين هل يسري أثرها على الماضي؟

كما تعلمون وحسب نص المادة (38) من الدستور أن المراسيم بقوانين تكون لها قوة القانون أي سريانها على الكافة منذ صدورها وقبل عرضها على المجلسين، فاذا لم تعرض عليهما وإذا عرضتها ولم يوافقا عليها زال ما كان لها من قوة، لكن في كلتا الحالتين هل يكون لهذا الزوال من أثر رجعي.

 ولنضرب لذلك مثال في الحكم الصادر ببطلان واسقاط عضوية النائب السابق محمد الحسيني إذا تم ذلك طبقا لأحكام المرسوم بقانون محل موضوع هذه الندوة رغم ان هذا المرسوم بقانون لم يعرض على المجلسين ولان له قوة القانون منذ إصداره تم تطبيقه على الحسيني، ولكن لنفترض أن المجلسين رفضا إقراره فيزول ماله من قوة قانونية فهل تزول اثاره التي صدرت في الماضي بمعنى هل يستطيع محمد الحسيني أن يعود نائبا في مجلس النواب؟

لا تجيب المادة (38) من دستور 2002 على هذا السؤال بل تجيب عليه المذكرة التفسيرية في تفسيرها لهذه المادة فتقول (…. ولما كانت القاعدة المقررة أن هذه المراسيم تعتبر نافذة ومرتبة آثارها من تاريخ صدورها إلى حين عرضها على المجلسين، فإنه قد يترتب عليها نشأة مراكز قانونية وحقوق مكتسبة للأفراد خلال تلك الفترة، وحماية لهذه الحقوق والمراكز في حالة عدم موافقة المجلسين على هذه المراسيم، عدلت المادة (38) لتقرر زوال هذه الآثار من تاريخ صدور قرار برفضها من كل من المجلسين أو المجلس الوطني بحسب الأحوال، أو من التاريخ الذي كان يجب عرضها فيه على المجلسين في حالة عدم عرضها. والزوال هنا ليس له أثر رجعي، وهو ما يتفق مع كون أن هذه المراسيم تستمد قوتها من المادة (38) ذاتها، وبالتالي يكون زوالها من تاريخ رفضها ….).

وهذا يعني حسب تفسير المذكرة التفسيرية أن زوال القوة القانونية للمراسيم بقوانين إذا رفضها المجلسان ليس له أثر رجعي فلا يجوز للحسيني العودة إلى المجلس.

ومع قناعتنا الدستورية التامة أن المذكرة التفسيرية للدستور ملزمة، وما ورد فيها من تفسير تعد احكاما مكملة للأحكام الواردة في الوثيقة الدستورية، غير أن لنا الملاحظات التالية:

الملاحظة الأولى:

كما هو واضح من ديباجة المذكرة التفسيرية لدستور 2002 أن المشرع الدستوري في إصداره لدستور 2002، قد اعتمد على مبادئ ميثاق العمل الوطني ،وعلى انه تعديل على مواد دستور 1973، ومن بين هذه المواد هو تعديل المادة (38) من دستور 1973، والتي تحمل ذات الترقيم في دستور 2002، غير أن هذا التعديل على هذه المادة يكشف كما في غيرها من المواد، أن مشرع دستور 2002، قد تجاوز وعدل من مواد دستور 1973 دون أن يكون لها سند أو دليل في مبادئ ميثاق العمل الوطني يبح له التعديل، وذلك حين ألغى من نص دستور 1973 بأن لا تكون المراسيم بقوانين مخالفة للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية، كما ألغى (بزولها بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، ما لم يرَ المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة).

الملاحظة الثانية:

تبرر المذكرة التفسيرية تعديل المادة (38) من الدستور زوال هذه القوة القانونية ليس له من أثر رجعي، (بإنه قد يترتب عليها نشأة مراكز قانونية وحقوق مكتسبة للأفراد خلال تلك الفترة، وحماية لهذه الحقوق والمراكز في حالة عدم موافقة المجلسين على هذه المراسيم). والحقيقة أن معظم المراسيم بقوانين التي أصدرتها السلطة التنفيذية طوال الفصول التشريعية للحياة النيابية فيها ليس فيها حماية لحقوق مكتسبة أو مراكز قانونية للأفراد بل فيها انتقاص من هذه الحقوق والمراكز، فتعديلات التقاعد جاءت بمرسوم بقانون وانتقصت من أبرز الحقوق المكتسبة الزيادة السنوية 3%، وفرض الضريبة المضافة الغير مباشرة قننت بموجب مرسوم بقانون، وخصصت الإجراءات التنفيذية بتحويلها إلى القطاع الخاص تمت بموجب مرسوم بقانون، وتقييد السؤال البرلماني والمناقشة العامة ومعظم التعديلات التي جرت على اللائحة الداخلية لمجلس النواب جاءت كذلك بموجب مراسيم بقوانين. فاين هي الحماية للحقوق المكتسبة للأفراد التي تتحدث عنها المذكرة التفسيرية في المراسيم بقوانين؟

ثالثاً: المرسوم بقانون والتجنيس

إذا كان قرار معالي وزير الداخلية بتشكيل لجنة مراجعة لكل من حصل على الجنسية البحرينية بعد 2010، هي خطوة هامة ثمنها المنبر التقدمي مع الجمعيات السياسية القائمة، وأصبحت حديث المجالس الاهلية والفعاليات الشعبية التي أيدتها ، فان المرسوم بقانون محل هذه الندوة وما ترتب عليه من حكم محكمة التمييز كشف بوضوح أكثر ودليل أوضح عنما سبق وأن حذرت منه الفعاليات السياسية والأهلية منذ بداية المشروع الاصلاحي ليس فقط من عيوب ونواقص التشريع المتعلقة بالجنسية وبالتجنيس، بل حذرت من الاثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومن الهدف من سياسية التجنيس دون النظر إلى العواقب الوخيمة الناتجة والتي ستنتج عن هذه السياسة، فلا يحتاج شعب البحرين بكل طوائفه الذي يعاني من سياسية التجنيس للبحث والتحقيق في مدى قانونية التجنيس فقط بل يحتاج كذلك إلى تحقيق شفاف لملف التجنيس من حيث عدد من تم تجنسيهم مع بيان موطنهم الأصلي والمنافع التي حصلوا عليها تاريخ حصولهم على الجنسية، وكيفية توزيعهم على مناطق البحرين وعلى الدوائر الانتخابية وبيان مدى تأثير ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي للمواطن البحريني وعلى العملية الانتخابية، وأحسب ان شعب البحرين يحتاج فوق ذلك إلى وقف فوري لعمليات التجنيس.

واذا كانت التعديلات التي جرت على الدستور في عام 2012 قد عدلت المادة (57) البند (أ) واشترطت (بان يمضي على من اكتسب الجنسية البحرينية عشر سنوات على الأقل، وغير حامل لجنسية دولة أخرى)، وهو الشرط الذي ركنت إليه الجهة الرسمية أمام محكمة التمييز لبطلان واسقاط عضوية الحسيني فان قانون الجنسية، حين وضع في المادة (6) الشروط التي اشترطها لمنح الجنسية البحرينية للأجنبي، لم يضع ضمن الشروط  ولا في الاستثناء الوارد عليها ابتداء لمنح هذه الجنسية التخلي عن جنسيته الاصلية بحيث لا يتم منحها له الا اذا قدم ما يدل على هذا التخلي، وهو ما يفسر تفاخر وتباهي من حصل على الجنسية بالتجنس عبر وسائل التواصل الاجتماعي بانه يحمل جنسيته الاصلية والجنسية البحرينية في آن وبطريقة تنال من شرف الجنسية البحرينية.