إن استهداف الحركة النقابية وضرب مواقفها في خلق قاعدة صلبة لأجل وضع مساعٍ للوفاق بين طبقتنا العاملة وأرباب العمل، لكن هناك صعوبات لتطوير هذه المساعي لأن أرباب العمل يسعون لوفاقٍ يصب في مصالحهم الخاصة لأنهم لا يلتفتون لأهمية وضع أسسٍ تخدم بناء ونسيج وطني مشترك يكفل للجميع التنمية الوطنية أولاً، فمصالحهم الشخصية وحبهم للمال تعميهم عن النضرة العاملة لمصلحة الاقتصاد الوطني وتنمية عصبة الفاعل والمؤثر (الطبقة العاملة)، وللعلم أن لا تنمية اقتصادية للوطن دون تقدير القوى العاملة التي هي من ينمي الاقتصاد الوطني ورديفها (الحركة النقابية)، حيث هي صمام أمان وصحة المسيرة.
إن حرية حق التنظيم النقابي ضرورة لوضع أسسٍ للتفاهم بين طرفي الإنتاج (آلة الدفاع) عن حقوق الطبقة العاملة وأرباب العمل الذين يتحتم عليهم وضع قوانين منصفة وعادلة توفق مسار العمل الذي يخدم رؤية واضحة لبناء وصقل الطبقة العاملة بصفتها عصب الاقتصاد، بإعطائها الأهمية التي تستحقها كونها أساساً فاعلاً في الإنتاج، وعليه يتطلب احترامها واحترام تنظيمها ودورها في الدفاع عن القوى العاملة.
في بعض المؤسسات القطاع الخاص يوجد ما يقارب أكثر من 300 عامل، لهذا يحق لهم أن يشكلوا نقابة عمالية، نعرف أن سعي ضرب الحركة العمالية ما هو إلا تمهيداً لرفض مقترحاتها، ولهذا جاءت انتفاضة مارس 1965، وبعد انتفاضات مستمرة تأسس الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، الذي حمل لواء الدفاع عن مبادئ الطبقة العاملة، حيث تتالت النجاحات واتسمت بقيادة وطنية في التيارات اليسارية والوطنية جميعاً.
هذه ذكريات أيام المناضلين العمال الشرفاء الذين وضعوا حجر الأساس لمسيرة الستينات، التي يحلم كل من يحاول عزلها عن مثابرة النضالات لحركتنا الوطنية، وعلينا نحن اليوم كعمال أن نتجاوز الحساسيات لأجل لم شمل كل أطياف طبقتنا العاملة، وللعلم لا يوجد صراع عمالي عمالي، بل من المعروف أن صراعنا يبقى صراعاً طبقياً، فقد جاءت الانتفاضة بعد قرار شركة نفط البحرين (بابكو) بتسريح 500 عامل وبالضبط في التاسع من مارس 1965، حيث كان الاضراب العام من العمال والطلاب احتجاجاً على فصل زملائهم.
ولهذا أعلن الاضراب العام تضامناً مع موظفي (بابكو)، ومن هنا ابتدأت سلسلة الإضرابات، حيث عمت المظاهرات كل أرجاء الوطن واستمرت أكثر من ثلاثة شهور، وساد التوتر في كل ربوع الوطن وشهدت أثنائها اضطرابات عنيفة في كل المدن والقرى، للأسف شهد الوطن مأساة حقيقية، حيث حينما أغلق التجار متاجرهم أعلنت الحكومة إن على جميع التجار فتح متاجرهم وإلا ستسحب سجلاتهم التجارية وسيقدمون إلى المحاكم بالرغم من استمرار الإضرابات ليومها الخامس، وكان المتظاهرين في المحرق يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين وهم أكثر من 50 معتقل، وقد قالت القوات البريطانية أنها هي المستهدفة كون أنها تستعمر البلاد، رغم أن الاضطرابات جاءت بعد ان أقدمت الشركة على فصل مئات العمال والذي تضامن الطلاب معهم ومع الحركة العمالية، حيثوا خرجوا في مظاهرة حاشدة مع العمال لمدة أسابيع واستمرت حتى 9 مارس، حيث كان يقودها اليسار ضمن تحالف وطني عام تحت مسمى (جبهة القوى التقدمية)، ثم اصدر بيان في 15 مارس 1965 أجمعت عليه كل الأطياف الوطنية السياسية والتي أعلنت هويتها اليسارية التقدمية الوطنية كتوجه موحد يشمل كل أطياف الشعب، كما طرحت أهدافها.
لقد حدد في العام 1965 من شهر مارس يوم 15 أهداف الحركة العمالية:
- إيقاف العمل التعسفي ضد العمال وإعادة المفصولين إلى أعمالهم.
- الاعتراف بحق تكوين نقابات خاصة بالعمال.
- رفع حالة الطوارئ التي يعيشها أبناء الوطن منذ العام 1965 والسماح لحرية الصحافة وحرية التظاهر.
- إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح بعودة المنفيين.
- ابعاد الموظفين البريطانيين من جهاز الأمن ورفض القمع.
- تشكيل لجنة يشترك فيها العمال والطلاب للتحقيق في حوادث إطلاق النار التي أدت إلى مقتل وجرح المتظاهرين في المحرق والمنامة وسترة وغيرها ومعاقبة المسئولين.
- تشكيل لجنة للقيام بالنظر في شئون العمال على أن يشترك فيها ممثلون عن العمال ويتم انتخابهم بمشاركتهم في اللجنة ويكون عمل اللجنة النظر في شئون جميع العمال وليس عمال شركة نفط البحرين فقط.
في هذه النضالات سقط أكثر من 10 من أبناء الوطن منهم عبدالنبي سرحان وفيصل القصاب وعبدالله سرحان وعبدالله بونودة وعبدالله الغانم وكثيرون من أبناء وطننا، انهم شهداء لأجل الوطن الغالي، نرفع رايات الوطن اعتزازاً بموقفهم المشرف.