جميع دول العالم تواجه في مسيرتها العديد من الصعاب والتحديات، وتعمل على تجاوزها بخطط تتطلب تشريعات وقرارات مدروسة على جميع الصعد والمستويات، ويشارك فيها المواطنون عن طريق ممثليهم في المجالس التشريعية، ويكون لهم القرار الحاسم في إقرارها وبمشاركة الرأي مع مؤسسات المجتمع المدني والمختصين قبل أن يعهد إلى السلطات التنفيذية في البدء بتنفيذ ما جاء في تلك التشريعات، مع مراقبة لصيقة بحسن إدارة وتنفيذ ما جاء في تلك التشريعات؛ وهذا ما ينتج عنه بالضرورة تحمل المجتمع للنتائج اللاحقة.
وعلى العكس من ذلك عندما تقر تشريعات وتنفذ قرارات بدون دراسة وافية ومشاركة مجتمعية، غالبا ما يكون لها وقع كارثي على المجتمع.
في هذا السياق دعونا جميعا نتفكر فيما تمّ في ثلاثة من التحديات التي واجهناها، وكيف، وبأي قرارات، وما هي تبعاتها
1– الحاجة إلى العمالة الوافدة
عندما فتحت الأبواب لاستيراد وجلب العمالة بدون ضوابط ورقابة وبأعداد كبيرة، بحجج وذرائع شتى، وبما يفوق الحاجة الفعلية للقطاعات والنشاطات الاقتصادية في البلد، ومع بوادر ظهور نتائج هذه القرارات على السطح، تم غض الطرف عنها والهروب إلى الأمام بالسماح لمن جلب تلك العمالة بالمتاجرة بها بما عرف بـ “الفري فيزا”، ثم تبعتها، وبقرارات رسمية، الفيزا المرنة، لتتبعها الفيزا السياحية، وكأنه نهج في مداراة المشكلة والهروب من مواجهتها، مما يؤدي إلى خلق مشكلة أخرى.
2- الاقتراض “الدين العام”
مع منتصف العقد الأول من الألفية الثانية ومع تبديد مداخيل النفط في فترات سابقة دون إنجاز ما تحتاج له البلد من تنمية وتطوير بنية تحتية وخلق اقتصاد متنوع يواجه التحديات الاقتصادية، ومع انخفاض تلك المداخيل اتجه البلد إلى سياسة الاقتراض الداخلي والخارجي وبدون خطة مدروسة عن كيفية الاستفادة من تلك الأموال المقترضة، تمّ التعامل معها كالفوائض من مداخيل النفط حين كان السعر مرتفعاً لنصل إلى ما وصلنا إليه من دين عام يكاد أن يصل بنا إلى أعلى قمة في نسبة الدين العام للناتج الإجمالي بين دول العالم، ليتحمل المواطنون تبعات ذلك بتشريع ضرائب وتخفيض ميزات ومنافع في دعم لتكاليف المعيشة وتدني خدمات، دون مشاركتهم في تلك القرارات أو حتى معرفتهم في أين وكيف تم صرف تلك الأموال.
3- التجنيس
واجهت ولازالت تواجه العديد من دول العالم تحديات ديموغرافية في نقص الموارد البشرية وخاصة في فئة ذوي الكفاءة العلمية والمهنية أو الحاجة إلى زيادة أعداد السكان أو حتى تحديات ومشاكل اجتماعية وسياسية، إلا أن موضوعا كموضوع التجنيس للأجانب وإن حصل في بعض البلدان، فإنه يتمّ على أضيق الحدود ووفق حاجة البلد وبشفافية عالية وبما لا يخل بالتركيبة السكانية وموارد وإمكانية البلد، وحياة مواطنيه أو نوع ومستوى الخدمة التي تقدم اليه وذلك ليجنب تلك البلدان تبعات أية عملية تجنيس لأي فرد ممن يعطى شرف الجنسية.
ما يتعالى به صوت المواطن ومن جميع الشرائح وفي مواقع مختلفة، خاصة فيما يتعلق بما ذكر أعلاه يعبر بصدق عن تبعات ونتائج تلك القرارات والإجراءات ونتائجها على الوطن والمواطنين. فبدون مواجهة أصل المشكلة، فلن نستطيع أن نحد من نتائجها، بل ستكون مجرد حلول وسياسات ترقيعية في أحسن الأحوال، قد تفيد في تأجيل انفجارها فقط؛ مما سيكون لها من الأثر الكارثي والأكبر على الجميع.