تتعرض قضيتنا إلى عدة محاولات للطمس والمحو، وتغييب الوقائع والحقائق، بل الالتفاف عن أصل الحكاية وتحويرها لصالح من لا حقّ له فيها، وإذا حاول أي امرىْ يملك من الإنسانية الحد الأدنى أن يطلع على جذر القضية وأبعادها، لن يجد عبر محركات البحث ما يشفي حاجته، وكثير من الكتب التوثيقية يجدها المرء، هي الاخرى، ناقصة. وهنا تبرز أهمية الأدب الملتزم الجاد لما له من أثر على الحياة الاجتماعية والسياسية وكنصل حاد للدفاع عن حق الانتماء.
لقد وثّق الروائيون الفلسطينيون الملتزمون (غسان كنفاني، جبرا إبراهيم جبرا، سحر خليفة، حسين البرغوثي) أصدق الصور التي من خلالها يستطيع القارئ أن يدرك مدى قبح الاحتلال وممارساته الأسوأ في تاريخ البشرية: المجازر، السطو، انتزاع الأراضي من أصحابها، التهجير القسري، التعذيب والاعتقال.
إن من يقرأ لهؤلاء الروائيين لن يستغرب ما يفعله الاحتلال اليوم، لقد وثّقها أولئك وكأنها حاضرة اليوم. في ثلاثية الروائي إبراهيم نصر الله والتي عنونها بالملهاة الفلسطينية: (ظلال المفاتيح، سيرة عين، دبابة تحت شجرة الميلاد)، سنقرأ العديد من صور العذابات التي يعيشها شعبنا داخل الوطن المحتل، وكأننا في قلبها، ونشهد محاولات الاحتلال البائسة في طمس الهوية وتفكيك الشعب وتقسيم الأرض.
إن الأدب وحده القادر على توثيق كل هذه الآلام وحفظها للأجيال القادمة، في حين أن المضخة الاعلامية آنية والصور المتناقلة فيما بينها مجيرة وفق أجندتها.