الحاجة إلى مجتمع مدني فاعل ومتفاعل يتعاطى مع الشأن العام ويساهم في المناقشات العامة والحراك المجتمعي وأن يكون قناة اتصال مفتوحة بين الجهات الرسمية وبين الناس، هي حاجة ماسة أثبتت جدواها وآثارها خلال عقد السنوات الأخير، وكيف انعكس غياب أو تغييب منظمات المجتمع المدني عن الساحة العامة في تعقيد وعرقلة كثير من الملفات على أصعدة مختلفة، اجتماعية وسياسية واقتصادية وسواها.
الدور الفاعل لمنظمات المجتمع المدني مهمة لا تتحملها الدولة وحدها فقط، رغم أن على عاتقها يقع الحمل الأكبر والمسؤولية الأولى، إلا أن القائمين على تلك المنظمات يتحملون جزءاً أساسياً من تلك المسؤولية، بإعادة تفعيل مؤسسات المجتمع المدني رغم التحديات والمصاعب والعراقيل. يكفي أن بعض القائمين على تلك المنظمات يبقون في مواقعهم على رأسها لمدد طويلة ليس حباً في الظهور والتشبث بكرسي الرئاسة أو مجالس الإدارة، بل الواقع هو الذي يفرض عليهم ذلك لقلة العناصر التي ترغب بالدخول في هذا المعترك.
عنصر الشباب، هو ضمان استمرار هذه المنظمات، والحاصل أنهم مغيبون قسراً بسبب انشغالاتهم بحياتهم الدراسية والعملية والأسرية، وهي دوامة عميقة يصعب الخروج منها أو التكيّف معها، واضافة انشغال آخر للقائمة يعدّ شيئاً من المستحيل، ولكن التعويل هنا على كينونة هذا الشاب ومدى رغبته في ترك الأثر، أثر حقيقي يبقى لأجيال قادمة.
دور الدولة يبرز هنا. يجب على الجهات الرسمية أن تعي أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني، فلا يمكن الاستمرار في تأطير عمل منظمات المجتمع المدني والحدّ من اختصاصاتها وملاحقة أعضائها في وسائل التواصل الاجتماعي. هناك حاجة لعودة المجتمع المدني، وهو ما يجب الاعتراف به والعمل من أجله، خصوصاً إذا كان هناك اتفاق على أن هدف منظمات المجتمع المدني هو الإصلاح ومعالجة أوجه القصور ومواطن الخلل. ويمكن من باب التغيير تخصيص عدد من المقاعد في مجلس الشورى لرؤساء مجالس منظمات المجتمع المدني المعنية بالقطاعات الأساسية كالعمال والمرأة والشباب وغيرها.