ناضل عمال البحرين منذ ثلاثينيات القرن الماضي من أجل حرية العمل النقابي وتشكيل النقابات العمالية، حيث كان مطلباً رئيسياً في الانتفاضات الشعبية والتظاهرات والاحتجاجات العمالية التي اجتاحت البحرين على مدار عقود من السنين، وعلى هذا الطريق ضحَّى العشرات من العمال النقابيين وتعرضوا للاعتقال والنفي لسنوات، وفُصِلَ العديد منهم من العمل، وحوربوا في رزقهم، وهناك من ليس لديه تأمين اجتماعي يعيشون عليه مع عوائلهم ،حتى تحقَّق ذلك الحلم النقابي العمالي في عام 2002 بصدور قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، والذي على أثره تأسَّست النقابات العمالية وبرزت الكوادر العمالية التي ناضلت في اللجان العمالية السرية لسنوات طويلة. كما تحقَّق المطلب النقابي الثاني الهام والتاريخي، وهو إقرار عطلة الأول من مايو “عيد العمال العالمي”، حيث أصبح إجازةً رسميةً في عام 2003، بفضل تضحيات الروَّاد الأوائل من العمال النقابيين
نشأ حراك عمالي نشط في بدايات 2002، تأسَّست على أثره الاتحادات العمالية، وكان المأمول منها أن تعبِّرَ عن أهداف ومطالب العمال والنقابات، وأن تكون صوت العمال، معبراً حقيقياً عن معاناتهم، ففي هذه الأيام يجرجرون النقابيين إلى مراكز الشرطة بسبب تمسُّكهم بالحقوق النقابية ورفضهم تعسف وترهيب بعض المدراء التنفيذيين في بعض الشركات التي لا تلتزم حتى بالأحكام الصادرة عن المحاكم البحرينية، يعني لا تحترم القانون والقضاء في البحرين، فيما تلتزم زارة العمل الصمت، لا تفعل شيئاً يذكر لمحاسبة تلك الشركات وإلزامها بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة.
يردِّد المسؤولون دائماً بأن البحريني هو الثروة الحقيقية، ولكنه الثروة التي تهدر وتهان، وتسلب حقوقها، والجهة المعنية تؤثر الصمت، وفي بعض الأحيان تنحاز إلى الجهة السالبة لحقوق العمال. ما يقدِّمه النقابيون من تضحيات في بعض الشركات يفوق كل التصورات، وهي تحديات كبيرة، ولكنها ضريبة النشاط النقابي، فمن يتحمَّل القيادة والمسؤولية عليه دفع الثمن غالياً، فالعمل النقابي ليس “برستيجاً” من أجل الواجهة الاجتماعية أو السفر إلى الخارج، وإنما أهم أهدافه الدفاع عن العمال والكادحين وأن ينالوا حقوقهم، والوقوف في وجه القرارات الجائرة التي تصدر من بعض إدارات الشركات.
ومن يتصدَّون للأفعال المخالفة لمطالب العمال والذين يقفون في وجه مكابرة وترهيب المدراء التنفيذيين هم النقابيون الذين يقدمون التضحيات الكبيرة حتى لو خسِروا وظائفهم، ومن يقفون مع إدارات الشركات، ويتركون العمال لمصير مجهول أو ليواجهوا قدرهم لوحدهم ، سواء كانت وزارة العمل أو اتحادات عمالية، هؤلاء يتخلَّون عن القيام بواجباتهم المهنية والنقابية والحقوقية، فلا يجوز التخلِّي عن حقوق العمال المشروعة من قِبل الجهات المعينة، دون اتخاد إجراءات رادعة ضد المدراء التنفيذيين لبعض الشركات الذين يمارسون العسف ضد العمال والأكثر من هذا وذاك لا يلتزمون بالأحكام الصادرة من المحاكم البحرينية لصالح إرجاع حقوق العمال. على العمال التوحُّد من أجل تحقيق مطالبهم وحقوقهم وعليهم طرق كل أبواب السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والإعلامية، وإذا استنفدت كل الخطوات الإجرائية ولم تحقق المطلوب عليهم التوجه إلى الاتحادات العمالية والنقابية الدولية.
نحن نعيش في عالم تتداخل فيه القضايا الوطنية بالقضايا الأممية، هناك قوانين وتشريعات دولية لا يمكن تجاوزها، ومن يحترم القانون والدستور سوف يلتزم به، وعلى أعضاء مجلس النواب بصفتهم ممثلين للشعب، الدفاع عن حقوق العمال والنقابيين المتضرِّرين من شركاتهم ومحاسبة من يتعدَّى على حقوقهم ويحرمهم من رزقهم، فالعمل النقابي ليس جُرماً والانضمام إلى النقابات العمالية ليس جريمة أو خرقاً للقانون، بل هو حق من حقوق العمال والنقابة صوتهم ورئتهم التي يتنفَّسون منها، فلا يجوز وقف الأوكسجين عنهم، وقتلهم، لابد من وقف من يريد سلب حقوقهم النقابية. إن التخلِّي عن النقابة العمالية يعني التخلِّي عن حقوقهم المشروعة.