حينما تولى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في العام 1999 أصبح لدى شعبنا، وخصوصاً في أوساط القوى الوطنية والقوى العمالية تفاؤل، حيث الانفتاح السياسي والتحولات الديمقراطية وخصوصاً بعد صدور القرار الملكي رقم 36 لسنة 2000 في 22 نوفمبر القاضي بتشكيل اللجنة الوطنية للإعداد لمشروع ميثاق العمل الوطني الذي استفتي عليه في 14 فبراير 2001 وبموافقة 98.4 في المئة من المواطنين، حيث هيأ لحرية التنظيم النقابي، الذي أوقف بعد تجميد العمل بأحكام دستور 1973، ومن ثم أعطي القرار التاريخي بالسماح لإنشاء نقابات عمالية، وذلك تعزيزاً لحقوق الطبقة العاملة عملاً بالمواد 27-28 من دستور البلاد تأكيداً على أحقيتهم وحريتهم.
أعطيت القيادات النقابية مساحة كبيرة للحركة في الشركات والمؤسسات، ودعوة للعمال لإنشاء نقاباتهم، وعزز صدور قانون النقابات العمالية، وذلك بالمرسوم بقانون رقم (33) في سبتمبر 2002 عودة النقابيين والوطنيين من الخارج وممارسة نشاطهم الوطني والنقابي، وشاركوا في المنتديات والفعاليات.
وقد تفاعلت الشركات مع العمال في الاهتمام بهذا النشاط في المنتديات، وشكل هذا حالات لم يشهدها الوطن من قبل، حيث لاقى الأول من مايو كعطلة رسمية نجاحاً وبات مصدر فخر للعمال، حيث عزز دور النقابات وتفاعل العمال معها في جميع مؤسسات الوطن، وبلغ عدد النقابات خلال عامين في القطاع العام والخاص ما يقارب الأربعين نقابة، ووقع على عاتق النقابيين التصدي للفصل التعسفي والبطالة والأجور وقضايا العاطلين والعاملين بعقود مؤقتة والتعسف ضد النقابيين وفصلهم بسبب مواقفهم في الدفاع عن العمال وإصلاح سوق العمل.
إن النقابيين في نضالهم هذا لأجل إصلاحات جادة هدفها التطور الاجتماعي والوطني، والمساهمة في خلق قاعدة عريضة تشمل كل النقابات العمالية لتمكين قوة اجتماعية فاعلة على جميع المستويات اجتماعياً واقتصادياً لأجل بناء هيكلية تنظم نسقاً يمثل الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين.
عقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام لنقابات العمال في البحرين في 12 يناير 2004، حيث شارك ما يقارب 150 مندوباً يمثلون نحو 40 نقابة عالمية وبعض الضيوف والذي يبلغ عددهم ما يقارب 18 ضيفاً من جميع بلدان العالم، أثنوا على هذا اللقاء وأكدت على دعم كافة الحركات النقابية للقيام بدورها على أكمل وجه، وجاء في كلمة الأمين العام لنقابات العمال العرب الأستاذ حسن جمام أمام المؤتمر: “أعبر عن تقديري للطور الحاصل في تحقيق الديمقراطية والمشاركة الشعبية الذي تشهده مملكة البحرين في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة والتي كان عن نتائجها ولادة اتحادكم”.
كما تحدث رئيس الاتحاد التونسي للشغل الأستاذ عبد السلام جراد، حيث قال: “لعل ما يميز التجربة البحرينية ويضعها في موقع الريادة هو إقرارها بحق العمال في مملكة البحرين في العمل النقابي بغض النظر عن جنسيتهم وعرقهم ولونهم، وهو ما ينسجم مع مبادئ الحركة النقابية العالمية وما يستجيب لمعايير العمل الدولية والمثل الإنسانية التي تشكل جوهر العمل النقابي”.
كانت تلك نقطة تحوّل في مسار الحركة النقابية في البحرين حيث بادرت اللجان المشتركة لتحويلها إلى نقابات عمالية، ما أعطى دفعة جديدة للعمل النقابي وشرعنته بحكم القانون، وبهذا الصدد حاولنا في المؤتمرات التأسيسية إيصال عدد من النقابات في بعض المؤسسات والشركات، ما أفرز وعياً نقابياً ديمقراطياً بارزاً، تحتاجه حركتنا النقابية والعمالية، رغم كل الصعوبات المحيطة والمستجدة.