إنها الصبيّة الشامخة بكامل كبرياءها، الفاهمة والعارفة لما تريد وما تكتب. إنها ابنة المعتقل السياسي والمغيب قسراً علي الشهابي. الشخصية المبدئية الوطنية النضالية، مدرس اللغة الانجليزية في مدارس مخيم اليرموك، والذي كان يُختصر وصفه بجملة واحدة (علي سعيد الشهابي ثورة كاملة). له تاريخ طويل في سجون النظام البائد في عهد الأب والابن، منذ الاعتقال الأول في 1974، حتى الاعتقال الأخير 2006 والذي لم يعد بعده.
وبعد سقوط النظام المتوحش وفتح السجون وتنظيفها، تتابع سيدرا ملف المغيبين قسرياً بعين ابنة غاب عنها أباها وهي في سني الطفولة الأولى، ومشاعرالشابة الصابرة الصامدة التي تنتظره، أو أي شيء يخبرها عنه.
تكتب سيدرا على صفحتها في الفيس بوك ما لا يمكن استداركه، أو الشعور التام بما تحمل أو تكنُّ هذه الفتاة من تصميم وإرادة كبيرة للسعي الدؤوب وراء الحقيقة، حقيقة ما حصل بأبيها. تكتب:
(بخصوص الدعوة العامة للحداد اللي عم تنتشر . لا “نُطبب جراحنا”، ولا “نعزّي بعض” قبل كشف المصير. بفهم الحداد كتصالحٍ مع الفقد، الحداد بظل كمّ الغموض الموجود مو ممكن. في ناس احتاجت وثائق عالأقل، بتحمل معلومات عشان تقدر تعلن حداد، أيّ اشي رمزي، لتقدر تعمل حداد رمزي.. وحتى مع وثائق صعب، فما بالك بدون، ومع ألف سؤال مفتوح، وكمية غضب هائلة. عالأقل مئات الآلاف عايشين بحالة مستمرة من إنعدام اليقين، لا تقلّ مرارة عن السنين السابقة، بل بالعكس. إذا ما انوجدت أي شروط للتصالح مع الفقد، معناها أننا بعاد أشواط عن الحِداد. أي حداد عام رح يكون حداد ناقص، حداد غير لائق بالمغيبين، ويوم للسخط، مخصص فقط للشعور المكثّف بالمرارة من شكل التعامل مع هاد الملف، مو أكتر. مع الأسف لليوم مافي قدرة لا عالأمل ولا عالحداد. ولا حداد قبل كشف المصير.)
سيدرا واحدة من الآلاف الذين غُيب عنهم ذووهم قسراً، دون إعطاء أي معلومة تدل عليهم. سيدرا كما الآلاف تدافع بكل ما تملك من عاطفة وشوق وإرادة وفكر ووعي واهتمام ومتابعة لمجريات الأحداث حتى كشف الحقيقة كاملة.