نحو تجمع وطني ديمقراطي عريض

0
8

من المعروف أن للقوى الوطنية بكل أطيافها أفكاراً ومفاهيم متباينة، فمجتمعنا يسوده كمّ من التناقضات والتخبط حتى في أوساط بعض النخب، حيث خلط الأوراق والضبابية والسطحية في وضع يتعثر فيه اتخاذ القرارات الصائبة لوضع حدٍّ لعدم اكتراث البعض لضرورة تمكين تجمع وطني ديمقراطي عريض يلمّ كل القوى الداعية لوضع لبناء مجتمع يتوق لقوى تولي اهتماماتها النضالية بصدقية فاعلة في اتخاذ قرارات مؤثرة.

لذا فإننا كقوى وطنية معنيون بهذه المهمة، حيث ضرورة الالتفات لمتطلبات ما يصبو إليه شعبنا كونه يمر بوضع معيشي مزرٍ يتفاقم باستمرار، مع انعدام الحماية التي يمارسها بعض من ينسبون أنفسهم إلى توجه (وطني) وهم بعيدون عن هذا التوجه، فلا يناصرون الديمقراطية كونها أساساً لوحدة القوى الوطنية وبناء تجمع وطني لخدمة ونصرة شعبنا.

ومن هنا نحن كحراك وطني ديمقراطي نسعى لدفع عجلة نمو هذا الحراك نحو التقدم، وهذه الدعوة لم تلاق اجماعاً واسعاً من كل الأطياف، رغم أن  الكل مدرك لأهمية هذا التكتل ولن نستطيع العمل بدونه، حيث يجد البعض صعوبة في تذليل الصعوبات التي هي إحدى العوائق التي تواجه مساعينا التي نعتبرها مهمة وراهنة، وكلنا أمل في تجاوز هذه الصعوبات لأجل وحدة شعبنا وبناء لحمته حفاظاً على نسيجنا ونحن في بداية عام جديد، فالشعب إذا لم تتحقق أمانيه ويرى بارقة أمل يعتبر كل ما يقال مجرد (بندول)، إن مخاطبة المسؤولين عن مدى وجعنا كشعب يعاني الكثير من التأزم المعيشي بدون وضع آلية مشتركة لحوار يخدم صراحة جديتنا وغاياتنا ونحن نرى مصدر الخلل والتشرذم، فإننا مسؤولون وستحاسبنا أجيال المستقبل وتحملنا كل تبعات هذه السلبية والتنافر الوطني. حان الوقت لأن نفكر ملياً وأن نقيس الوضع من كل الزوايا واضعين تاريخنا نصب أعيننا وأن نحترم من أسسوا ووضعوا اللبنات الأولى دون القفز على هذا المجد والتضحيات.

إن التعقل والشفافية سمة يتصف بها أصحاب رحابة الصدر في احترام وجهة نظر الطرف الآخر والترفع عن اتخاذ قرارات منفردة تسيء إلى سمعة نسيجنا الوطني، لذلك هناك طرق سالكة تبني أجيالاً يجب الاسترشاد بمفاهيم فكرية من بواطن الكتب لمعرفة السياسة، وذلك لكي لا نبني معارفنا على مفاهيم سطحية  هشة تجرنا نحو التخبط ورؤى مقلوبة تزيدنا نفوراً وتباعداً.

من هنا نحن مسؤولون عن توعية هذا الجيل لكي لا يصبح في مهب الريح بأيدي المتربصين لأن الكثير منهم عفويون على سجيتهم فهناك من يتحين التغرير بهم ويسوقهم نحو الضياع، وثمة طرق كثيرة لأجل منحهم ثقتنا وبها يجب أن يكونوا نصب أعيننا، فلسنا بعيدين عن ساحات الأمم التي خاضت وتخوض النضال، فهي  عانت وتعاني من نفس الظروف ونفس القسوة والاضطهاد وضنك العيش، ولم يكن أمامها من بديل ولا سبيل لها إلا التكاتف لتهيئ أرضية تبشر بمسار جديد ووضع حجر الأساس قبل فوات الأوان.

ما أخرنا طيلة هذه الأعوام هو النفور والتباعد وعدم الثقة، وها نحن ندفع الثمن، إننا ندخل في عام جديد 2025 ولم نضع برنامجاً واضحاً جامعاً يكون ركيزة تعمل بطريقة مدروسة ضمن متطلبات ومعطيات راهنة، بعيدة كل البعد عن التطرف والانفعالات والتشنجات، والسير بثبات دون التعجل في الخطى، ونحتكم للحكمة القائلة (إن المرء إذا كان عطشاً في يوم قائظ في صحراء جرداء عليه أن يبحث عن ماء وليس عن ماء مثلج يروي ظمأه)، أي علينا التكيف واستيعاب مختلف الظروف في الأوقات والأزمنة مهما بلغت قسوة الظروف عملاً بالظروف الموضوعية والذاتية، صحيح إننا اليوم نمر بديمقراطية شكلية وهذا ناتج عن فهم الديمقراطية عند غالبية البرلمانيين كونها لا تمثل السواد الأكبر من الشعب الفقير الكادح، فيما غايتنا أن نسعى لنواب ملمين بالمفاهيم الديمقراطية لكي يمثلوا شعبنا على أحسن وجه وبصدقية وإخلاص.