هل غزّة كفندق الكومودور في نيويورك؟!

0
5

هكذا نجح الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب فقد اشغل دولا عديدة ومنظمات حقوقية، ومحللين وفقهاء سياسيين، في ملف مستقبل غزة! فقد انشغل الجميع بالإجابة عن الأسئلة التالية:

هل يرغب، دونالد ترامب أن يسلم غزة لإسرائيل؟ أم أنه يرغب في الاستئثار بغزة باعتبارها مشروعا أمريكيا تجاريا يشبه فندق الكومودور في نيويورك؟! وهل هو يريد، كما يزعم، إعادة بنائها من جديد؟ فهو قد أعلن عن خطته بتهجير سكان غزة جميعا إلى دول عديدة من منطلق (رأفته) بساكنيها كما يدَّعي حفاظا على حياتهم، مع العلم أن كل قنابل تدمير غزة كانت قنابل أمريكية الصنع!

كثيرون من حاملي ألقاب المحللين السياسيين حاولوا الإجابة على ذلك، وأكثرهم اتفقوا على أن (مشروع غزة ترامب) ليس سوى تأكيد على جهالة دونالد ترامب بالسياسة، وأن هذه الجهالة والتهور وصلت إلى درجة الجنون!

هؤلاء جميعهم لم يقرؤوا كتاب دونالد ترامب، The Art of the Deal (فن الصفقة) الصادر عام 1987م، فقد أورد في كتابه السابق طرق وأهداف تحقيق الربح التجاري، لدرجة أنه اعتبر كتابه السابق أهم حتى من الكتاب المقدس، وقال عنه، كل من يرغب في الحصول على الثراء والنجاح في الأعمال، عليه أن يشتري الكتاب ويضع يديه على غلافه!

قال في كتابه قبل أن يدخل الحلبة السياسة، “على الطامع في النجاح وتحقيق الطموح الأكبر من الصفقة أن يختار تحقيق الأهداف الكبيرة والبعيدة، وأن يمتلك مهارة الإقناع، والإصرار والصمود، وأن يستغل الفرص السانحة لتحقيق الأهداف، كل ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا بامتلاك وسائل الإقناع، وطريقة تسخير وسائل الإعلام”!

من المعروف أن ترامب لا يملك القدرة على تأليف هذا الكتاب، لأنه مؤلفه الحقيقي هو، توني شوارتز المذكور اسمه على الغلاف، وهو قد اعترف في ولاية ترامب الأولى بأن دونالد ترامب لم يكتب هذا الكتاب!

كما أن معظم المنشغلين بهذه القصة لم يقرؤوا القصة المشهورة التي رفعت من شأن، ترامب ماليا، وهي قصة فندق، الكومودور في نيويورك المؤسس عام 1919م كان يضم 1400 غرفة، ولكنه أفلس في عام 1966م، لذا قرر رجل الأعمال، ترامب بعد سنوات أن يشتريه ويعيد ترميمه وتحويله إلى صرحٍ جديد، بعد أن حصل على إعفاء ضريبي، وأسماه، جراند حياة نيويورك، ثم أغلقه في جائحة الكورونا، وأصبح ناطحة سحاب عام 1996م، هناك خطة لإعادة افتتاح فندق الكومودور بصورة جديدة عام 2026م!

دونالد ترامب زعيم الصفقات الغريب هذا يمكن اكتشاف شخصيته المتناقضة من خلال صداقاته مع ثلاث شخصيات، الشخصية الأولى هي شخصية دينية مسيحانية، وهي القسيس، باولا متشل وايت، وهي تنتمي إلى الكنيسة البروتستانتية الإيفانجيلية ولدت عام 1966، هي اليوم شخصية بارزة في هذه الكنيسة، ولها منصات إعلامية عديدة، هي قسيسة في علم اللاهوت، تدَّعي بأنها تتلقى الوحي من السماء! هذه (القديسة) البارزة هي اليوم من أهم الشخصيات في طاقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي التي أدخلته في المسيحيانية، وأشرفت على إعادة صياغته غيَّرتْهُ من رجل علماني طائش إلى شخصية دينية مقدسة، ومبعوث إلهي غايته تمكين إسرائيل من الانتصار على أعدائها تمهيدا لعودة الماسيح!

أما الشخصية الثانية هي بالمناسبة نقيض الشخصية الدينية، الأولى هي، الإعلامي، أيالون ماسك مالك منصة إكس الرقمية ومنصة تويتر، هو اليوم مستشار ترامب الجديد في قضايا مراقبة المال، وهو الذي أوصى بإغلاق أكبر مؤسسة دعم أمريكية للأنشطة الديموقراطية في العالم، هي (USAID) أيالون ماسك المولود عام 1971م، هو كندي الأصول حاصل على الجنسية الأمريكية، وهو أبرز ثري في العالم أجمع، وأكبر داعم لحملة ترامب الانتخابية، فقد تبرع 426 مليون دولار لحملة ترامب!

أما الشخصية الثالثة المؤثرة في دونالد ترامب هي الأكثر تأثيرا من الشخصيتين المتناقضتين السابقتين، هي الإسرائيلية عضو الحزب الجمهوري، مريام أدلسون زوجة الملياتردير الراحل، شلدون أدلسون، وهي اليوم مالكة صحيفة، إسرائيل هايوم، وهي من أكثر الشخصيات تأثيرا في الرأي العام الإسرائيلي، بما تملكه من صداقات إسرائيلية وبما تملكه من ثروة زوجها المتوفى يوم 11-1-2021م وهي كذلك الأكثر تبرعا لحملة ترامب الانتخابية!

هذه الشخصيات الثلاثة السابقة حضروا احتفالات تنصيب دونالد ترامب يوم 20-1-2025م وجلسوا في الصفوف الأولى، حتى أن، الملياردير، أيالون ماسك كان يقف في وسط أسرة، دونالد ترامب كأحد أفراد العائلة!

لا غرابة إذن حين يَعتبر الرئيسُ الأمريكي، دونالد ترامب قطاعَ غزة صفقهً تجارية ناجحة لا تختلف عن فندق (كومودور) في واشنطن!

فهو يملك سلطة في المجال السياسي الخارجي أكثر من المجالات الداخلية المتمثلة في التشريعات الصحية والصناعات وغيرها!

فهو في فترة حكمه الأولى 2017 نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ثم اعترف بسيادة إسرائيل على الجولان!

لا تستخفوا بأقواله، فغزة عنده مشروعٌ تجاري، غني بالثروات المخبوءة، أبرزها شاطئها الغني بالغاز الطبيعي، غزة كذلك منتجع سياحي فاخر، بالإضافة إلى أنها مشروع ضغط سياسي على مصر، لأنها ستكون في المستقبل مشروعا لحفر قناة بين البحر الأبيض والبحر الأحمر، كبديل لقناة السويس، مع العلم أن ترامب يعتبر نفسه المقاول الوحيد لتنفيذ هذا المشروع الكبير، الذي لم ينجح بن غريون في إتمامه، لتتحول إلى (غزة ترامب) على الرغم من أنه ادعى كاذبا أنه زارها ويعرف موقعها، وأنها مكان جميل!

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا