مخطط ترامب.. جريمة حرب وتطهير عرقي

0
15

آثار موقف الرئيس الأمريكي ترامب ومخططه بالسيطرة على قطاع غزّة وتهجير أهله وتحويله إلى منتجعات سياحية لأغنياء العالم باستثناء أهله، الكثير من الاستنكار والاستهجان من كل دول العالم حيث إن هذا المخطط يعتبر حسب القوانين الدولية جرائم حرب وتطهير عرقي.

في مقاله المنشور في صحيفة “الاتحاد” الفلسطينية، يقول الكاتب الفلسطيني التقدمي عادل عامر، بالطبع حظى هذا المخطط بترحيب إسرائيلي ليس فقط من الجناح اليمني واليمين المتطرف في الخارطة الحزبية الإسرائيلية وإنما شمل أيضًا غانتس وفريقه الذي يعتبر نفسه من أحزاب المركز والوسط.

ترامب في تبريراته لمخططه الإجرامي لترحيل أهالي غزّة وتهجيرهم من وطنهم أكد أن غزّة أصبحت مكانًا غير قابل للحياة بسبب الدمار والتدمير الذي تعرض له القطاع على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة والممولة أمريكيًا.

وإذا ما استثنينا “حنية” ترامب الذي انهالت عليه فجأة على سكان غزّة و”حرصه” على مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني، فإن هذا التبرير هو الوحيد الذي يستند إليه  في سياق حماسه لمخطط الترانسفير، وهو بالضبط ما هدفت إلى تحقيقه الآلة العسكرية الإسرائيلية في غزّة منذ بداية الحرب، الإيغال في سياسة التوحش في التعامل مع الشعب الفلسطيني في غزّة لتحويل القطاع ومدنه وحضارته مكانًا وحيزًا لا يصلح للحياة البشرية.

أما ما غاب عن ذهن ترامب ونتنياهو، هو المعنى الذي يحمله حيز المعيشة هذا للإنسان الفلسطيني وطبيعة علاقته به، ليس فقط بحكم التجربة التاريخية للجوء الفلسطيني من النكبة إلى النكسة بل بحكم روابط الانتماء العميقة للأرض والوطن والهوية الفلسطينية وعمقها ومدى تجذرها في الوجدان الفردي والجمعي للشعب الفلسطيني وتعامله مع الأرض كوطن وهوية وليس تعاملًا رأسماليًا نفعيًا يعتمد قواعد الربح والخسارة، كذلك الذي يفهمه تاجر العقارات ترامب.

ثم ينهي الكاتب مقاله مشيرًا إلى أن المنطق الذي يحكم العلاقة بين الفلسطيني هو ليس منطق التعامل بوحدات القياس العقارية والرأسمالية، بل هي علاقة وجودية ووجدانية تشمل كافة مركبات الهوية العميقة للتاريخ والجغرافيا.

ولهذا فإن مقومات فشل مشروع ترامب موجودة بنيويًا في مكونات الوجدان الفلسطيني أينما وجد، بغض النظر لنوعية مخططات التصفية التي يواجهها الفلسطيني على كل الأصعدة.

وفي نقده لمخطط ترامب التدميري ، يقول رئيس تحرير جريدة “الأهرام”  إبراهيم الدسوقى، إن ترامب يتحدث أينما ذهب بلغة التجار الجشعين، فكل ما يصادفه قابل للبيع والشراء، رغمًا عن أنف المالك الشرعي للبضاعة، ووفقًا للسعر الذي يتكرم ويتعطف بتحديده، فهو يريد، من بين أشياء أخرى، امتلاك قطاع غزّة والاستيلاء عليه، وكأنه قطعة خالية بالولايات المتحدة مطروحة للبيع في مزاد علني للأعلى سعرًا، لإقامة مشروعات عقارية ضخمة تباع للأثرياء والمقتدرين ماليًا من الأمريكيين والأوروبيين، أما عن الغزاويين الذين سالت دماؤهم دفاعًا عن أرضهم وممتلكاتهم فيجب أن لا يُحدثوا ضجيجًا، وأن يوافقوا صاغرين على التهجير والتطهير العرقي في هدوء حتى لا يزعجوا العم سام وفتاه المدلل، إسرائيل، ويحذو حذو الأمريكيين الأوائل في الماضي السحيق فيما فعلوه مع الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين.

كانوا يقولون إنه من أجل الوصول إلى أي حل سياسي في الشرق الأوسط، يجب المرور عبر القضية الفلسطينية. لكن الأمريكيين كانوا يكذبون عندما تحدثوا عن حل الدولتين. هذا الحل كان بالنسبة لهم دائمًا للمستقبل البعيد وليس للوقت الحالي. الآن ما يُراد هو أنه بدلًا من أن يتمكن الشعب الفلسطيني من إزالة الاحتلال، يقوم الاحتلال بإزالة الشعب الفلسطيني. لكن المشروع الأمريكي ليس مشروعًا فلسطينيًا، ولا حتى مشروعًا شرق أوسطيًا. إنه مشروع عالمي، وهو جزء من حربه ضد الصين. لذلك كانت إسرائيل ذراعًا له لإعادة ترتيب المنطقة إلى “الشرق الأوسط الجديد” لصالح أمريكا. بالطبع، ااستمرت الولايات المتحدة في التدخل لتدمير وزعزعة استقرار الدول في المنطقة – العراق، ليبيا، اليمن، لبنان، السودان، ودعمت القوات الإرهابية في سوريا- والجيش الأمريكى لا يزال يحتل سوريا .

لمعارضة خطط ترامب ونتنياهو نحتاج إلى الوحدة. بالنسبة للعالم العربي، يجب أن تكون هناك قمة عربية حقيقية مع قرار واضح يرفض هذا المخطط، ورفض التطبيع مع إسرائيل ما لم يكن هناك حل سياسي – إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية. أي أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، مع القدس الشرقية عاصمة لها، وسحب المستوطنات والقوات الإسرائيلية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينين وفقًا لقرارات الأمم المتحدة. بالنسبة للفلسطينيين الآن، فإن هذه لحظة مسؤولية تاريخية لجميع الفصائل الفلسطينية أن تتوحد، وأن تجد طريقة لإعادة بناء المؤسسة الوحيدة التي يمكن أن توحد القوى الفلسطينية، وهي منظمة التحرير الفلسطينية. يجب توسيعها لتشمل كل  المنظمات والفصائل الفلسطينية، وإصلاحها، هذا ماذكره عصام مخول عضو سابق في الكنيست الإسرائيلي وعضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي في حوار أجرته معه صحيفة “مورنينغ ستار” البريطانية اليسارية.

About the author

Author profile

كاتب بحريني وعضو التقدمي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا