تهجير سكان غزّة وغطرسة ترامب

0
31

في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية على فلسطين عامةً وسكان غزة خاصةً، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحاتهِ المثيرة للجدل بخصوص تهجير سكان غزة من أراضيهم، حيث اعتُبرت هذه التصريحات بمثابة دعم صريح للسياسات الإسرائيلية الهمجية على حساب الحقوق الفلسطينية.

تصريحات ترامب هذهِ أثارت موجة عارمة من الغضب والاستنكار على المستويين العربي والدولي. لأنها لم تكن فقط استفزازية وعدوانية، بل كانت أيضًا تعكس غطرسة سياسية تفتقر إلى أي اعتبار للقانون الدولي أو لحقوق الإنسان الأساسية.

لا شك أن تهجير سكان غزة قسرًا من أراضيهم هو انتهاك صارخ للقانون الدولي، وخاصةً اتفاقيات جنيف التي تحظر عمليات التهجير القسري للسكان المدنيين في أوقات النزاع. قطاع غزة، الذي يعاني بالفعل من حصار خانق منذ سنوات، يعد من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف إنسانية صعبة للغاية. وأي محاولة لتهجير سكان غزة ستكون بمثابة جريمة حرب، ولن تؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة. ومثل هذه الأفكار لا تعكس فقط تجاهلًا تامًا لحقوق الفلسطينيين، بل أيضًا استهتارًا بالاستقرار الإقليمي والدولي.

في الواقع إن المخطط الذي يريد دونالد ترامب تنفيذه في غزة والذي يتعلق بتهجير سكان القطاع إلى دول عربية مجاورة، مثل الأردن ومصر، وتحويله إلى “ريفييرا الشرق” يصطدم بالعديد من العوائق والحواجز التي طرحها العديد من الخبراء والمختصين في سياسات الشرق الأوسط. لعل أبرز هذه العوائق تتمثل في تشبث الفلسطينيين بأرضهم، وفي رفض الدول العربية لمشروع ترامب.

إن تصريح ترامب بشأن تهجير سكان غزة يعكس فكرًا استعماريًا يحاول أن يفرض واقعًا جديدًا على دول أخرى بالقوة في انتهاك للقانون الدولي. وهو ما قامَ بهِ ترامب خلال عُهدتهِ الرئاسية الأولى حينما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2018 أو عندما اعترف في 2019 بأن الجولان السوري المحتل جزء لا يتجزأ من إسرائيل. 

العقلية الرأسمالية المتوحشة هي من تسيطر على تفكير ترامب ومخططاتهِ تجاه غزة، ففي مقابلة له مع إذاعة “فوكس نيوز” أبدى استغرابًا بما وصفه بتنازل إسرائيل عن قطاع غزة في الماضي واصفًا الأمر “بالقرار العقاري السىء”. فقتل الآلاف من الأطفال والنساء والرجال وتدمير غزة بالكامل لا تعني شيئًا أمام زيادة الأرباح وتراكم الأموال.

“أنا التوحش” عند ترامب يشير إليها عالِم النفس السلوكي الدنماركي هنريك تينغليف. هي لا تستند بالضرورة إلى كفاءة المعرفة عند الرجل ومؤيديه، بقدر ما تحاول تغذية انتفاخ أنا (إيغو) فردية وجماعية. تينغليف شرّح نفسية ترامب في محاولتهِ انتزاع غرينلاند من الدنمارك وقناة بنما وضم كندا، باعتبارها تمثل الغطرسة الجاهلة والاستعلائية التوسعية التي تتملك الرجل، الذي اختار طاقمه بعناية للمحافظة على موقعه كذكر ألفًا في القطيع.

إن مقترح التهجير لا يزال في أجندة ترامب والإدارة الأمريكية، وتدعمه إسرائيل بكل قوة، لأنه يتماشي مع مخططاتها وأحلامها، ومن ثم فإن استمرار صمود الشعب الفلسطيني وثبات الموقف العربي الرافض لهذا المشروع الأمريكي الصهيوني، سيشكل حائط الصد الأول في مواجهة أية مشروعات من شأنها تصفية القضية الفلسطينية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا