موجة من الغضب الشديد عمّت في صفوف شعوب منطقة الخليج العربي العدوان الصيوني على غزّة منذ أكتوبر 2023، وأدى إلى عشرات الالاف من الشهداء وأضعافهم من الجرحى والمصابين، وتهجير أهل القطاع من بلداتهم ومدنهم ومخيماتهم وتدمير منازلهم، فضلاً عن المدارس والمستشفيات وكل مرافق الحياة، وشهدت مختلف بلداننا الخليجية صوراً من التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة الغربية وكل فلسطين، وضمن هذا الموقف جاء اختيار المنبر التقدمي لمنتداه الفكري السنوي في دورته الحادية عشرة التي انعقدت في الحادي والعشرين من شهر فبراير الماضي، لعنوان “شعوب الخليج العربي والقضية الفلسطينية”، ليكون موضوعاً للأوراق التي قدّمها فيه باحثون ونشطاء من الكويت والمملكة العربية السعودية وعُمان والبحرين، وسط حضور كبير ونوعي من البحرين وغيرها من بلدان المنطقة.
أتاحت الأرواق المقدّمة في المنتدى ومناقشاته فرصة للوقوف على صورة بانورامية لتضامن شعوب الخليج مع القضية الفلسطينية، منذ بدايات نشوء هذا التضامن ومراحله، تبعاً لتطوّر القضية الفلسطينية نفسها، منذ كان المشروع الصهيوني مجرّد فكرة، إلى أن نُفذّ باحتلال فلسطين وتهجير شعبها من أراضيه، لنرى أنّ شعوب الخليج والجزيرة العربية أدركت، شأنها شأن كل أشقائها في البلدان العربية الأخرى، مشرقاً ومغرباً، ومنذ البداية، خطورة المشروع الصهيوني لا على فلسطين وحدها وإنما على كافة الشعوب العربية.
ومن موقع الأخوّة والانتماء القومي وقفت شعوبنا مع كفاح الشعب الفلسطيني، وقدّمت ما أمكنها من أوجه دعم له في كفاحه وتصديه للبريرية الصهيونية التي تزداد تمادياً في توحّشها، ولم يتردد أفراد من أبناء شعوب المنطقة في التطوع بالقتال إلى جانب أشقائهم سواء على أرض فلسطين ذاتها أو في البلدان العربية المحاذية لها، والتي قاتلت العدو، وهناك من استشهد وهو يؤدي واجبه في القتال، ومنهم البحريني مزاحم عبد الحميد الشتر الذي التحق بقوّات حركة “فتح” في جنوب لبنان، واستشهد بنيران العدو في ساحة المعركة.
أوصل منتدانا الفكري في دورته هذه رسالة واضحة حول مواقف شعوبنا في الخليج في نصرة فلسطين وقضيتها، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وأنّها جزء من الموقف الشعبي في كل بقعة من عالمنا العربي وحتى خارجه، الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي زاد من غطرسة العدو وعنجهيته، وألحق أكبر الأضرار بقضية الشعب الفلسطيني العادلة التي معها يقف كل أحرار وشرفاء العالم، وكلّ الضمائر الحية في المجتمع الدولي.