عندما كانت الرأسمالية تشتد وتزدهر ولدت الأممية الأولى، في بداية القرن التاسع عشر عندما كانت الحركة العمالية والديمقراطية في أوج نهضتها 1848 – 1871، ففي العام 1864 تشكّلت أول منظمة عالمية للجماهير الكادحة (البروليتاريا) والتي أسسها كارل ماركس وفردريك إنجلز مؤسسي الاشتراكية العلمية وقائديها، حيث انتشرت الحركة العمالية عالمياً وانتشرت معها حركات غير بروليتاريا مثل (البوردونية – باكونين – الترودونية – الليبرالية) وحركات منحرفة يمينية أخرى، وقد حظيت الحركة العمالية منذ بداية تشكيلها بانتشار واسع، كما أصبحت تلك مرحلة هامة لتصاعد النشاط النضالي من أجل الدفاع عن الشعوب المضطهدة وتوسيع بناء أحزابها لتصعيد دورها الريادي الأممي، حيث اهتمت الحركة العمالية آنذاك لمساندة الإضرابات في لندن وفرنسا.وقد تأسست الأممية الأولى بعد اجتماع مجموعة من العمال الانجليز والفرنسيين في قاعة سانت مارتن في لندن، وذلك احتجاجاً على قمع الثورة البولونية عام 1863، حيث اشترك في هذا الاجتماع كارل ماركس وعين عضواً في المجلس العام لجمعية الشغيلة العالمية فالتفّ حوله خير أعضاء المجلس من العمال ووضع حداً لتقرب البرجوازية لكي لا يسهل عليهم قيادة الحركة.لقد قاد ماركس وإنجلز الحركة العمالية بخطى ثابتة ونجاح، ورغم أنها كانت في البداية إلا أنها تعاظمت بوتائر سريعة، حيث ذاع صيتها عالمياً واستساغها كادحو العالم ومن ثم أحزاب حركات التحرر الوطني التقدمية والاشتراكية ودعاة السلم والعدالة الاجتماعية التي تناضل هي أيضاً سعياً للدفاع عن الطبقة العاملة، وعزّز كل هذا مكانة هذه الافكار وساعد في مزيد من انتشارها.على البروليتاريا حينما تخوض معركة التحرر الاجتماعي أن تدافع عن مصالح كل الفئات التي تتعرض للاستغلال والتمييز السياسي، لأن أغلبها تقترب مصالحها مع مصالح الطبقة العاملة. تعرض ماركس لهذه القضية، حيث قال إن الفئات في الطبقة الوسطى أيضاً لها دور نضالي في المجتمع وهي قد تكون سنداً لنضالنا الطبقي، فحينما تتعرض الطبقة الوسطى للابتزاز والاضطهاد من الطبقات الأرفع بالحتم ترتمي في أحضان الطبقة الكادحة، حيث تشعر بنفس الاضطهاد والقسوة التي تعاني منها الطبقة العاملة، فإن الانتصار الحاسم لقوى الطبقة العاملة ليس شرطاً في تحالف مع الفلاحين بل مع قطاعات الشعب العامل غير البروليتاري.هذا التحالف قد يتعرض أحياناً للفشل، ومن هنا يتطلب الأمر تطهيره من الرجعية المنساقة وراء مخططات عدائية للطبقة العاملة، حيث التنازعات السياسية والتذبذبات من هذه الفئات الكثيرة المشاكل، وتصبح مثاراً للمسائلة، ومن ثم تثير مناقشات في الاجتماعات حول التركيبة الصحيحة لهذه الفئات لبناء هيكلية واضحة، حيث يحاول العمال الوطنيون المخلصون وغيرهم من القوى اليسارية تحديد مكامن الخطأ لكي تسير التجمعات العمالية والقوى الوطنية لكيفية المشاركة في فعالياتها في ظل الهجمات والمباغتات الشرسة.يكتسب النقاش والحوار المثمر في تجمعاتنا أهمية فكرية تنير دربنا التاريخي للطبقة العاملة ولفئات الطبقة الوسطى، وأننا مدركون لقدرة استيعاب ما نصبو إليه من خدمة لمجتمعنا، وبالطبع سيتلمسون الاستقرار لأنهم يميلون بطبيعة الحال للتغيير الإيجابي، وفي نضالنا الدؤوب لنا وضعية متفردة في خلق طبقة عاملة تحرص على رص صفوفها بنهج متطور يواكب المستجدات في سبيل تحدي العواصف الآتية وتركز على الواقع العملي للمجتمع بقواه الوطنية والعمالية.