Sunday, May 4, 2025

رحيل الأستاذ المربي ابراهيم الجمري… المعلم الذي تجاوز جدران الصف وقلبه لم يغادر باربار

غيّب الموت واحدًا من القامات الوطنية والتربوية وواحداً من رجالها الأفذاذ، الأستاذ والمربي والمناضل في صفوف جبهة التحرير الوطني ومن ثم في المنبر التقدمي الذي كان أحد مؤسسيه الرفيق ابراهيم الجمري، الذي وافاه الأجل المحتوم بعد رحلة طويلة ومريرة مع المرض استمرت لسنوات، خاض خلالها صراعًا شجاعًا بصبر لا يلين، لكن الرجل الشجاع لابد وأن يستريح.ينتمي الجمري إلى جيل من المعلمين الذين شكّلوا ضمير التعليم الوطني منذ منتصف السبعينيات، حيث وهب حياته للتدريس والتربية في مدارس وزارة التربية والتعليم، واضعًا نصب عينيه بناء الإنسان قبل تلقين الدرس، ومؤمنًا برسالة التعليم كوسيلة للتغيير والتنوير.الجمري، ابن باربار البار، والمعلم الذي تجاوز دوره في الصفوف الدراسية ليصبح مربّيًا للنفوس والعقول في كل ركن من أركان قريته، ترك بصمة لا تُنسى في المجال التربوي والاجتماعي، وكانت سماته الشخصية الممزوجة بالهيبة واللطف والصرامة الأبوية كفيلة بأن تفرض احترام الجميع، كباراً وصغاراً، حاملاً شخصية المعلم إلى خارج جدران المدرسة، فكان أبًا ومربيًا وناصحًا لأبناء قريته، يتقاسم معهم مناسباتهم، ويصل أرحامه، ويوصي دائمًا بتماسك النسيج الاجتماعي للقرية.وكان الراحل من الكوادر النشطة في جبهة التحرير الوطني، وشارك في نشر الفكر التقدمي ومناهضة الرجعية، وكان له دور بارز في النشاط السياسي والاجتماعي داخل باربار والقرى المجاورة. ودفع ثمن انتمائه النضالي حين اعتُقل في حملة القمع التي استهدفت الجبهة في منتصف الثمانينيات، ليقضي ثلاث سنوات من عمره خلف القضبان حتى أوائل التسعينات، ثم عاد إلى مهنته وتلاميذه بروح متقدة وعنفوان هادر .استمر بعد ذلك كأحد الأعضاء الفاعلين والمخضرمين في جمعية المنبر التقدمي، محتفظًا بهيبته ومكانته المميزة في الأوساط التقدمية والتعليمية والاجتماعية، تاركًا وراءه سيرة عطرة ومسيرة زاخرة بالصدق والانتماء، محتفظاً بحضوره واحترامه وسط رفاقه وتلامذته وأهله.رحل الأستاذ ابراهيم، ولكن ذكراه ستظل عالقة في وجدان كل من عرفه، تعلم على يديه، أو سمع عن سعة صدره وشجاعته وتواضعه. لقد أعطى دون مقابل، وكان رمزًا للمثقف الملتزم والمعلم الحقيقي الذي لا يغيب حتى برحيله.

المادة السابقةفانوسك
المقالة القادمةدبابة تحت شجرة عيد الميلاد

آخر الأخبار

أخر المقالات