وداعاً يا فناننا الكبير

0
7

السجية هي طبيعة المرء بلا رتوش؛ بلا تزويق وافتعال.. إذ يُمكننا أن نكون الخير وننتمي له، وإذا عبرنا مشاهد شحيحة الجمال، نبذل الجمال من قلوبنا بقدر ما نفتقده، فيصير فعل العيش نفسه مبعوثاً ورسولاً عنا. قد لا يمرّ بخلد من يملك سجية الجمال أن في أفعالهم ما يُثير الدهشة والإعجاب لأنها ببساطة معجونة بتشكيلهم الجواني الخالص.ذات يوم شتوي، أخذت لوحتين للفنان الكبير عبدالكريم العريض لإيصالها لمعرض مشترك ساهمت في تنظيمه بشكلٍ ما، كانت السماء تمطر بغزارة.. لا زلت أتذكر قلقه وهو يوصيني بتنظيف نوافذ السيارة. وما أن هممت بالخروج حتى أومأ لي بنبرة حانية “توقفي ابنتي” وأخذ قطعة قماشية يمسح بها الزجاج “أرجوكِ.. اهتمي بنفسك”.. وكأنه يرسم ستارة من الطمأنينة عليها، لا زال هذا الموقف العابر الذي لم يحتمل غير دقائق كثيفة المعنى عالقاً في ذاكرتي رغم مرور السنين. غادرت المرسم ولوّح لي من بعيد.. وداعا يا فناننا الكبير.. ألف رحمة ونور

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا