في خضم التحولات السياسية والتحديات الاقليمية التي تشهدها المنطقة العربية تأتي القمة العربية بنسختها الرابعة والثلاثين في بغداد، تحت شعار: بغداد السلام تحتضن قضايا العرب، وذلك بهدف توحيد المواقف العربية في ظل الظروف الإقليمية المعقدة القائمة، حيث استضافت العاصمة العراقية بغداد في السابع عشر من مايو قادة الدول العربية إلى جانب ممثلي منظمة الامم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي والاتحاد الافريقي، لمناقشة عدة ملفات في مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث أكد البيان الختامي للقمة على ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، كما تمّ التأكيد على دعم الخطة العربية لإعادة إعماره، إلى جانب ذلك، دعت القمة العربية أيضا في بيانها إلى الحفاظ على أمن لبنان وسوريا ووحدة أراضيهما، وأدانت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية والسورية. أما بالنسبة للملف السوداني والليبي، فقد أشار البيان إلى أهمية حماية سيادة السودان ومنع انهيار مؤسساته، من خلال تشكيل حكومة مدنية منتخبة. حيث أدت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى تفاقم الأزمة الانسانية في السودان. وأما بالنسبة لليبيا والتي تعاني من فوضى سياسية وأمنية منذ سقوط نظام القذافي، فقد أكد البيان الختامي للقمة على ضرورة إنهاء التدخلات الخارجية والالتزام الكامل بسيادة ليبيا ووحدة أراضيها.يظهر شعار القمة العربية “بغداد السلام تحتضن قضايا العرب” على أهمية القمة بالنسبة للعراق الذي عانى من صراعات وحروب استمرت لعقود، وتتطلع بغداد من استضافتها للقمة لاستعادة دور العراق الاقليمي وتعزيز العمل العربي المشترك، ورغبته في ترسيخ مكانته كطرف فاعل على الساحة العربية والاقليمية بعد سنوات من العزلة السياسية من جانب، وتعزيز التعاون السياسي والامني مع الدول العربية من جانب اخر. بالإضافة إلى سعي العراق لتحقيق توازناته بين الصراعات الحالية في المنطقة، لاسيما وأن موقع العراق الجغرافي المتميز وحسن علاقاته مع دول الجوار يجعله لاعباً اقليمياً بارزاً في المنطقة. كما يسعى العراق أيضا إلى تحقيق التعاون الاقتصادي، حيث دعا رئيس وزرائه محمد شياع السوداني الدول العربية في القمة إلى الإسهام في مشروع طريق التنمية، وهو مشروع ممر بري وخط سكك حديد يربط الخليج العربي بتركيا عبر ميناء الفاو، لتحويل العراق مركزا للعبور بين الشرق والغرب، لتعزيز التجارة الدولية ولتحقيق التكامل الاقتصادي في العراق والمنطقة. بهدف خلق بيئة استثمارية عربية مشتركة وتفعيل اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهذا بدوره سيدفع التعاون في مواجهة التحديات التي يمر بها العراق ودول المنطقة.