كلّ الأجيال تعاني

0
146

تحتلّ المعاناة المعيشية للمواطنين حيّزاً كبيراً، إن لم يكن الأكبر، مما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى الصحافة من مواقف وأخبار، فضلاً عمّا يدور في مجالس الأهالي وندوات الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ومناقشات مجلس النوّاب، ما يشير إلى تفاقم هذه المعاناة بشكلٍ غير مسبوق، دون أن تلوح في الأفق بوادر الحدّ منها، رغم ميل الجهات الرسمية إلى التقليل من حجمها، بإيراد أرقام وبيانات تعوزها الدقّة والصواب، وإطلاق وعود عن خطوات مقبلة للنهوض بأوضاع المواطنين وحلّ ما يواجهونه من مشاكل، لكنّ التجربة تبرهن على أنّها مجرد وعود لا خطوات فعلية لجعلها واقعاً، فسرعان ما تتبدد، وتتكشف عن أوهام.وأوجه معاناة المواطنين كثيرة، تتصل بعدّة ملفات؛ بينها مشكلة السكن مع تزايد أعداد من ينتظرون دورهم للحصول على مسكن أو قرض يعينهم على شراءه، وازدياد عدد سنوات الانتظار، وبينها أيضاً تراجع مستوى الخدمات الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، قياساً إلى ما كانت عليه الحال قبل سنوات، لكنّ أهمّ ملفين معيشيين يشغلان الناس هما ملف البطالة الآخذة في الارتفاع في أوساط الشباب، وخاصة خريجي الجامعات منهم، والذين يمثلون نسبة مرتفعة جداً، وملف أوضاع المتقاعدين الآخذة، هي الأخرى، في التراجع، خاصة بالنظر لارتفاع نسبة التضخم، فضلاً عن ارتفاع ضريبة القيمة المضافة، التي تثقل كاهل متدني الأجور وأصحاب الرواتب التقاعدية المتواضعة. يشير هذان الملفان من معاناة المواطنين، إلى أنّ أعباء الهمّ المعيشي واقعةٌ على مختلف الأجيال بدون استثناء، ففي حين يعاني الشباب من البطالة وانسداد الأفق بوجه فرص العمل، يعاني المتقاعدون أصحاب المعاشات المحدودة، والتي لا تفي بالحد الأدنى من ضرورات العيش الكريم، من شظف العيش، خاصةً وأنّ هذه الفئة العمرية تعاني بحكم تقدّم السن من المتاعب الصحية، التي تتطلب رعاية صحيّة دائمة لم تعد المستشفيات الحكومية قادرة على تأمينها بالسرعة والكفاءة المطلوبتيين، ما يضطر المرضى لدفع مبالغ فوق طاقتهم للمستشفيات الخاصة. مسؤولية الدولة في بلدٍ ليست فقيرة كالبحرين تأمين كلّ الخدمات الضرورية، وبالصورة اللائقة، لمواطنيها من كلّ الاعمار في المجالات المختلفة: التعليم والصحة والعمل وضمان حياة جيدة للمتقاعدين الذين أفنوا عقوداً من أعمارهم في خدمة وطنهم ومجتمعهم، وبات من حقهّم أن يكافأوا على ما قدّموه بعيشٍ كريم في ما تبقى من حياتهم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا