في ظل المعطيات الحالية التي نعيشها والمليئة بالصعوبات والمخاوف، هناك شرائح كثيرة من الناس تعاني مما يحصل من تردٍ للأوضاع المعيشية الصعبة من الكادحين والفقراء والمحتاجين والعاطلين عن العمل، بما فيهم الأسر البحرينية التي تزداد فقراً، ما يحملنا على طرح السؤال: ماذا يخبئ عام 2022 للمواطن؟، لنرى أن الإجابة مخيبة للآمال.
من وجهة نظر الكثيرين من متابعي هذه الاوضاع فإن العام الجديد، إذا ما تجاوزنا الاحتفال برأس السنة الميلادية، وهذا، بحد ذاته، شيء جميل، فإنه سيكون على مستوى حلحلة الاوضاع المعيشية الصعبة مكانك سر، بل إن هذه الأوضاع مرشحة للأسوأ في مسألة تدني الحياة المعيشية لغالبية شرائح المجتمع.
وإذا أحصينا الأسباب فإنها كثيرة، منها أنه لا توجد مبادرات سياسية فعالة لتخفيف المعاناة عن الناس جراء المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية أيضاً، التي لها انعكاسات سلبيّة على الأوضاع المعيشية، كما نستطيع أن نؤكد على ذلك من خلال تفشي موجة الغلاء الفاحش والارتفاع الجنوني في الاسعار، في غياب أية حلول أو ضوابط تذكر للحد من ذلك، ويزيد من صعوبة الأمور تدني مستوى الأجور لغالبية الكادحين الذين يتقاضون رواتب لا تتجاوز ال 400 دينار، بل وأقل من ذلك، ومثهم شرائح يعدّ أفرادها بالألاف من المتقاعدين الذين أوقفت عنهم الزيادة السنوية المتواضعة والبالغة 3% ، وهي حق مكتسب يجب صونه.
يحدث ذلك في ظل تدني القيمة الشرائية للدينار البحريني أمام غلاء المعيشة، فمثلا لو رجعنا للوراء قبل عقد من الزمن فإننا سنجد أن البضاعة التي كانت تُشترى آنذاك بمبلغ 100 دينار، تباع اليوم بمبلغ 250 دينار على الأقل، هذا في ظل رفع الدعم عن السلع الأساسية من المواد الغذائية، وبينها اللحوم، والأدوية، والبترول، بالإضافة لفواتير الماء والكهرباء والإيجارات .. الخ.
وفوق هذا كله أتت ضريبة القيمة المضافة والتي أصبحت اليوم 10 % رغم معارضة الكثيرمن النواب، وكأن المواطن هو المسؤول عن تردي الأوضاع الاقتصادية وزيادة الدين العام على الدولة لصناديق النقد الدولية، وهنا نأتي لمشكلة عويصة يعاني منها الشباب البحريني بجميع فئاته في غالبية الأسر الكادحة والفقيرة ومتوسطة الدخل وهي معاناة البطالة.
للعلم فإن غالبية طالبي العمل والتوظيف من حملة الشهادات الجامعية في مجالات العلم المختلفة يواجهون شبح البطالة التي تتراكم نسبتها سنويا وبدون حلول تذكر لمعالجة موضوع البحرنة وأحقيّة المواطن بالعمل والتوظيف، حسب ما ينص عليه ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين حيث يؤكدان على أن العمل واجب وحق لكل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام. ثم أن الدولة ملزمة بأن تكفل توفير فرص العمل للمواطن وعدالة شروطه وفق قواعد العدالة الاجتماعية وحقوق المواطن في الحصول على هذه الفرص للعمل بدون تمييز. إلا إننا على ارض الواقع لا نرى تطبيقاً لما ينصّ عليه الميثاق في مسألة التوظيف، هذا بالرغم من وصول نسبة البطالة في البحرين لما لا يقل عن 16 % بحسب ما يجري تداوله بين النشطاء وبعض النواب، إلا أن وزارة العمل تزعم بأن النسبة لا تزيد عن 3,4 % .
نأتي إلى مسألة تفشي الفساد المالي والإداري في مفاصل العديد من الإدارات والوزارات والشركات بما فيهما هيئة التأمينات الاجتماعية، وهذا ما يكشف عنه تقرير الرقابة المالية والإدارية منذ عام 2002، وحتى يومنا هذا لم نسمع بأن هناك متلاعباً بالمال العام قد تم ردعه، أو جرت مساءلته، في ظل ضعف أداء مجلس النواب جراء التقليص المستمر من صلاحياته، ما يجعله في وضع العاجز عن استجواب فاسد في أي مجال.
ونأتي إلى مسألة اخرى تؤرق مجتمعنا في البحرين وهي الزيادة الحادة في نسبة العمالة الوافدة، وانتشار ما يطلق عليه “الفيزا المرنة” مما فتح مجالات أكبر لاعتماد القطاع الخاص على هذه العمالة، بما في ذلك الشركات الكبرى من خلال عمليات الخصخصة، فضلاً عن تغلغل الأجانب في العديد من الدوائر والوزارات الحكومية وشبه الحكومية، بدون ضوابط بالرغم من وجود كفاءات وطنية يمكن أن تحلّ محلهم، دون أن نغفل ما نجم وينجم عن سياسة التجنيس السياسي المستمر وأيضاً المحسوبية والواسطات على حساب من لهم الأحقية في التوظيف من المواطنين الذين يتمتعون بالكفاءة والتأهيل العلمي.
مجمل هذه الأوضاع تشكّل مشاكل ومعوقات لا توحي بأن هناك أملاً في تحسين الظروف المعيشية والاجتماعية للمواطن، أو حل المشاكل المستعصيّة كمشاكل الإسكان والرواتب المتدنية للمواطنين، هذا اذا لم تتوفر الارادة السياسية والقرار السياسي للتصدي لهذه المشاكل، وتطبيق ما نصّ عليه الدستور بتحقيق المساواة وضمان الحقوق والعدالة الاجتماعية المفقودة منذ عقود من الزمن، ويفاقم من كل ذلك ضعف قوى المجتمع المدني المنشطر طائفياً في الكثير من الحالات، كما هو الحال في الحركة النقابيّة مثلاً، وحتى على صعيد القوى السياسية، والتراجع عن مرتكزات وتقاليد الوحدة الوطنية التي أرستها أجيال سابقة في معترك النضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وبلوغ التقدم المنشود.