الاتحاد الوطني لطلبة البحرين

0
160

يصادف في الخامس عشر من شهر فبراير الجاري مرور نصف قرن على تأسيس الإتحاد الوطني لطلبة البحرين، إذ إنعقد مؤتمره التأسيسي في دمشق في الفترة من 15- 25 فبرير عام 1972، ولا يخلو تاريخ أنعقاده  من دلالات تاريخية عربية، إذ تزامن التأسيس مع الإنتفاضة الطلابية المصرية التي تفجرت في يناير من العام نفسه احتجاجاً على قرار الرئيس السادات تأجيل حرب تحرير سيناء، كما تصادفت الانتفاضة مع ذكرى “يوم الطالب العالمي” الذي قرره اتحاد الطلاب العالمي ليكون في 21 فبراير تخليداً لشهداء الانتفاضة الطلابية المصرية 1946 ضد السلطة الاستعمارية والتي لعب اليسار خلالها دوراً محورياً في تأسيس “لجنة الطلبة والعمال” .

والحال لم يكن قيام الأتحاد إلا تتويجاً لتاريخ عريق من الحركة الطلابية البحرينية منذ أربعينيات القرن العشرين، والتي أخذت تتبلور تنظيمياً بدءاً من الخمسينيات في شكل روابط طلابية. وفي هذه العجالة سأكتفي بابداء شهادتي المتواضعة كشاهد عيان عايش التجربة في “فرع القاهرة” منذ بداياتها إثر التحاقي بجامعة القاهرة خريف 1972، وكان هذا الفرع من أبرز الفروع الكبيرة التي لعبت دوراً نقابياً مهماً في الدفاع عن مصالح وحقوق الطلبة في الخارج، وقبل ذلك عندما  كان “رابطة طلابية” أمتلكت هذه خبرات كانت معيناً لسفارتنا في القاهرة عند تأسيسها في الكثير من المواقف، ومن ذلك كيفية التصرف مع حادث وفاة أحد المرضى البحرينيين بالقاهرة (الحاج حسن راشد العالي) عام 1971، وقد أشار إليها لماماً الاستاذ تقي البحارنة في مذكراته “مذكرات سفير البحرين والخليج العربي في عهد الاستقلال”. أما أبرز المطالب النقابية التي تقدّم بها فرع القاهرة للسفارة وتحققت والتي تناولها السفير في مذكراته نفسها: توفير سكن خاص للطالبات البحرينيات، توفير مواصلات للطالبات مجانية للجامعات، توفير الضمان الصحي والعلاج المجاني.  

ويمكن القول إن الخمس سنوات الأولى من عمر الاتحاد ( 1972-1976) وهي المدة التي أمضيتها للدراسة في القاهرة هي نفسها الفترة الذهبية لنفوذ وقوة الاتحاد داخلياً وخارجياً،لكن بعد حل البرلمان صيف 1975 وحملة الاعتقالات التي طالت مختلف القوى الوطنية أنعكس ذلك على وضع الاتحاد؛ إذ تعرض نشطاؤه للاعتقالات أوسحب جوازات سفرهم، ثم جاء تأسيس الأندية-الممولة حكومياً- ليشدد الحصار والعزلة على الاتحاد ويضعفه تدريجياً حتى جاءت نهايته الفعلية في أواسط الثمانينيات تقريباً. 

على أن مسيرة الاتحاد، رغم ثراء تجربتها التاريخية، لم تخلُ من سلبيات وثغرات خطيرة لعل أهمها:

1- كان الاتحاد – كمنظمة نقابية طلابية – مسيساً حتى النخاع بسبب صراع أطرافه الوطنية المرير ضد بعضها بعضاً، حتى بات هذا الصراع لا يطغي على نضالاته النقابية فحسب، بل وعلى نضاله الوطني المشترك، وعلى أهتمامات نشطائه بتحصيلهم العلمي، وتتحمل التنظيمات السياسية الوطنية مسؤولية كبيرة؛ لدورها في دفع منظماتها الطلابية والشبابية لهذه الوجهة التسييسية للأتحاد. 

2- إن تغييب مبدأ النسبية في الانتخابات الطلابية للفروع والمؤسسات القيادية للاتحاد ساهم بدوره في تأجيج الصراع، على عكس لو جاءت التشكيلات الادارية المنتخبة تعكس نسبة أصوات كل طرف طلابي لربما خففت من حدة الصراع بين أطرافه .

 3- لم يقتصر الخلل الذي أعتور مسيرة الاتحاد- كمنظمة نقابية تقدمية – على محاولة كل طرف أحتكار القيادة وأقصاء الطرف الآخر في فروعه ومؤسساته القيادية فحسب، بل كان لافتاً بشكل فاضح تغييب تمثيل المرأة – بشكل ولو شبه متكافيء – في إدارات فروعه ومؤسساته القيادية، بل وطوال مسيرة الاتحاد لم تُنتخب طالبة واحدة لهيئته التنفيذية قط! ويتحمل هذا الوضع المعيب ليس الأطراف الطلابية الذكور الفاعلة في الاتحاد فحسب، بل وبالدرجة الأولى الطالبات الفاعلات في الإتحاد واللواتي يُفترض تمتعهن بوعي سياسي عالٍ فيما يتعلق بمبدأ المساواة.

 ولا يسعني ختاماً إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل للأصدقاء الأعزاء عباس هلال وفؤاد سيادي وعلي حسين لمساعدتهم لي في استذكار وتوسيع بعض المعلومات.