الرفيق يعقوب الجناحي فقيد الوطن والحزب

0
125

عندما تكتب جزءاً من سيرة شخصيات مؤثرة وقادة ومناضلين رحلوا أو على قيد الحياة تتذكر مواقفهم وآراءهم، علاقاتهم بالمجتمع والناس. رأيته في صيف عام 1977 في بغداد ولم ألتقِ به مباشرة في شقة طلبة البحرين في حي الأعظمية. كنتُ، يومها، في زيارة مع العائلة، وبعد أربعة أعوام، في العام 1981 التقيت به في پونا الهند حيث كنت أدرس هناك، كان قادماً من اجتماع لمنظمة التضامن الأفرو آسيوي ومجلس السلم العالمي في العاصمة دلهي، عرفته باسمه الحزبي، الرفيق عزيز محمود. كان شخصية حزبية قيادية صارمة، بعيداً عن شخصيته المرحة وابتسامته وحسن التعامل مع الآخرين، لسنوات لم أعرف اسمه الحقيقي يعقوب الجناحي، عندما نذهب لدمشق نلتقي به بعض الاحيان، وبعد عودتي إلى البحرين في سبتمبر من عام 1988.

 ففي تسعينيات القرن الماضي كنت أزور سوريا ونلتقي به والرفاق هناك، حيث كانت محطة المنفى الأخيرة للعديد من المناضلين البحرينيين المنفيين، وبالأخص قادة الحركة الوطنية البحرينية وتحديداً  في الجبهتين: التحرير والشعبية، قبل عودتهم إلى البحرين في فبراير من عام 2001، في ظل الانفراج السياسي آنذاك في مرحلة بداية ميثاق العمل الوطني، حيث كان الرفيق د. يعقوب الجناحي آخر من رجع من المنفيين، في إبريل 2001 قادماً من دمشق، بعد أن أمضى أربعين عاماً في المنفى من عام 1961 حتى عام 2001 ، لهذا أطلقَ عليه المناضل الراحل عبدالرحمن النعيمي لقب “شيخ المنفيين”، فهو بعد أن تمّ نفيه مع مجموعة من الرفاق القياديين والكوادر من جبهة التحرير الوطني البحرانية في عام 1961، وبعد أن عاش فترة في إيران وقطر، أصبح ضمن أول دفعة للطلبة البحرينيين مكونة من خمسة أشخاص تذهب إلى الدراسة في موسكو عاصمة الاتحاد السوفياتي، في جامعة باتريس لومومبا للصداقة، في نهاية عام 1962 وبداية عام 1963، مبتعثه من قبل جبهة التحرير الوطني البحرانية.

 برز في موسكو في صفوف الطلبة، وأصبح شخصية قيادية في منظمة جبهة التحرير في موسكو ورئيس رابطة الطلبة البحرينيين الدارسين في موسكو في منتصف ستينيات القرن الماضي. بعد التخرج وحصوله على شهادة الدكتوراة انتقل للعيش في بغداد ثم دمشق وعدن وصنعاء، وحين عاد إلى البحرين ساهم وقادة آخرون من جبهة التحرير مع أجيال متعددة من مناضلي الجبهة في تأسيس المنبر التقدمي في 12 يوليو من عام 2001، وأصبح عضواً في أول مجلس إدارة منتخب، لأول مرة ينشط المناضلون سياسياً وحزبياً في البحرين بصورة علنية، حيث انتقل جرى الانتقال من العمل السري إلى العمل العلني بعد السماح بتشكيل الجمعيات السياسية في البحرين، حيث متطلباته ومقتضياته تختلف عن العمل السري، والصعوبات التي واجهت من نشط في العمل السري، ففي العمل العلني تبرز المواقف والآراء من الرفاق والرفيقات بكل وضوح وشفافية،  قد تتوافق وقد تتباين هكذا هي سيرورة العمل الحزبي وتعاطيه مع الواقع الملموس في ظرف العلنية، ولكن يبقى الحزب هو البوصلة السياسية  التي يجب أن لا يحيد عنها.

 كان فقيدنا أبو لطيفة يطرح آراءه ومواقفه السياسية ويعبر عنها وفق قناعاته سواء في مؤتمرات أو اجتماعات أو لقاءات داخلية للتقدمي، أو  يعبر عنها في المقالات من خلال الصحافة المحلية بين الفينة والأخرى، قد تختلف أو تتفق معه فيما يكتب فهذا شيء آخر، على قاعدة التعدد والاختلاف في الآراء والمواقف، كما كانت مواقفه من القضية الفلسطينية واضحة ضد كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ويؤكد على حق الشعب الفلسطيني الشقيق في نيل حريته واستقلاله الوطني وإقامة دولته الوطنية المستقلة، وكذلك كان له موقف ضد التدخلات والاعتداءات على سوريا من قبل القوى الإرهابية المدعومة من بعض الانظمة العربية والإمبريالية العالمية، ويؤمن بحق الشعب السوري بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، كان مناضلاً وطنياً وقومياً وأممياً .

له الذكرى الخالدة والمجد، وعزاؤنا لزوجته أم لطيفة، وابنته الدكتورة لطيفة وابنه المهندس محمد والعائلة الكريمة والرفاق وجميع محبيه.