مستقبل العراق السياسي بعد عام على الانتخابات التّشريعية

0
28

يشهد العراق أزمة سياسية منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021 بين معسكرين؛ معسكر التيار الصدري ومعسكر الإطار التنسيقي الموالي لإيران، حيث أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في اكتوبر 2021 بفوز كتلة التيار الصدري بـ 73 مقعدا، وبناءً على هذه النتائج شكّل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تحالفاً مع الأحزاب السنية والكردية داخل البرلمان لتشكيل أكبر كتلة برلمانية لانتخاب رئيس مجلس الوزراء، إذ أن عملة الترشيح تأتي من خلال الكتلة الأكبر المتشكلة داخل البرلمان لمن يشكّل الحكومة في العراق، وليست من خلال الكتلة التي حصلت على عدد أكبر من الاصوات. 

من جهة أخرى، قوبلت هذه النتائج بالرفض من قبل بعض الأحزاب السياسية الشيعية والتي شكّلت تحالفاً يسمى بالإطار التنسيقي الشيعي المدعوم من قبل إيران والذي يضم تحالف دولة القانون والفتح، وعصائب أهل الحق وأحزاب أخرى، مدعيّة بأنه تمّ التلاعب بالنتائج وتزويرها. ورفض الإطار التنسيقي حضور جلسات البرلمان، مما عرقل جهود كتلة التيار الصدري والكتل السياسية الأخرى في تشكيل الحكومة، وأدت إلى انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان ومن ثم انسحاب زعيم التيار الصدري من العملية السياسية.

نتساءل من خلال هذا المقال؛ هل سينجح الإطار التنسيقي الشيعي والكتل السياسية الأخرى في تشكيل حكومة جديدة من دون تدخل كتلة التيار الصدري والذي رفض انتخاب محمد شياع السوداني المدعوم من قبل الإطار التنسيقي رئيسا للحكومة؟ وهل سوف تستطيع الحكومة المنتخبة الجديدة حلّ الازمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد؟

في يوم الخميس الموافق 13/10/2022 تم عقد جلستين تصويت داخل قبة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية حيث تم ترشيح عبداللطيف رشيد وهو مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لرئاسة الجمهورية والذي بدوره كلّف محمد شياع السوادني بتشكيل مجلس الوزراء والذي قوبل برفض انصار زعيم التيار الصدري مسبقاً، وأدى إلى افتحامهم للبرلمان واقامة الاحتجاجات فيه في اغسطس الماضي، واعتبر زعيم التيار الصدري انتخاب محمد السوادني ما هو إلا تشكيل حكومة ميليشاوية ستسمح للأجندات الخارجية بالتدخل في شؤون الدولة ولن تحقق مطالب الشعب، ورفض الصدر المشاركة في الحكومة المقبلة، مكرراً الدعوة إلى حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة لتشكيل حكومة أغلبية وطنية. 

في اعتقادنا أن هذه الحكومة لن تستطيع إعمار البلاد، وماهي إلا نسخة من الحكومات السابقة  لن تحارب الفساد، ولن تساهم في حلّ الأزمات المتراكمة التي يعاني منها العراق منذ 19 عاما وربما سوف تفشل في المساهمة في بناء الدولة واعادة التوازن مع علاقتها الخارجية مع دول الجوار، ما دام هناك خلافات سياسية ما زالت قائمة، والأرجح أن المرحلة السياسية القادمة التي سنشهدها لن تكون مختلفة عن المراحل السابقة وربما تكون أسوأ خصوصاً إذا تدخّل أنصار الصدر عسكرياً وحدثت فوضى في البلاد والتي سوف تعرقل جهود الحكومة المنتخبة لإعادة اعمار البلاد.

علاوة على ذلك، أعلن المرشح محمد السوداني في خطاب له بأنه سوف لن يستخدم سياسة التهميش وسيقوم بإصلاحات وإعادة هيبة الدولة، إلا أنه في منظورنا سوف يواجه صعوبات في إرضاء جميع الكتل السياسية، ولا سيما الخلافات حول توزيع الحقائب الوزارية من جهة ومن جهة اخرى استمرار رفض التيار الصدري المشاركة في هذه الحكومة، وقد يتوجه نحو قيادة حراك شعبي ضد الحكومة المنتخبة كما حدث في السابق.

في الختام، نأمل بأن يتم التوافق السياسي بين جميع الأحزاب السياسية، وأن تكون هناك مساعي لإشراك التيار الصدري في العملية السياسية وأن تنجح الحكومة المقبلة في تنفيذ برامجها وفي إجراء ما تعد به من الإصلاحات وتحقيق مطالب الشعب لإعادة بناء الدولة العراقية وإحياء دوره في الساحتين العربية والإقليمية.