وبقي الصوتُ الوطني حاضراً

0
52

حققت كتلة “تقدّم” في الانتخابات النيابية الأخيرة نجاحاً مهماً بفوز ثلاثة من مرشحيها الأربعة: هم: عبد النبي سلمان، إيمان شويطر، د. مهدي الشويخ، فيما لم يحالف الحظ رفيقنا فلاح هاشم الذي أبلى بلاء حسناً في الفصل التشريعي الماضي بصفته عضواً في قائمة “تقدّم” التي فازت في انتخابات 2018.

ان هذا الإنجاز النوعي للمنبر التقدمي بمثابة تصويت شعبي على أداء كتلته في الدورة السابقة، كما يمثل الحضور الجماهيري التي يتمتع به “التقدمي”، ويؤكد في نفس الوقت واقعاً جديداً بدأ بالتبلور والنشوء في الوعي الجمعي، حين بدت الجماهير بالترفع عن توظيف الدين لحرف خياراتها نحو خصوم مترشحي الكتلة وسواها من المرشحين المخلصين. 

نحن اليوم على اعتاب مرحلة جديدة منوطة بالمنبر التقدمي في مستقبل الحياة السياسية بدءاُ من سير العمل داخل المجلس، حتى بلوغ مراحل تعدّ مفصلية في حياة المواطنين ومستقبل الحياة السياسية في العموم، أعضاء الكتلة هم من الكوادر المتقدمة والكفؤة في التقدمي، وهم جديرون بحمل المسؤولية المناطة بهم، وكلهم يمتلكون تاريخاً سياسياً حافلاً ولهم نشاط نوعي في مؤسسات المجتمع في مجالات الاقتصاد، الطب، حماية حقوق المرأة والأسرة والطفل، كما ان الرؤية السياسية المشتركة التي جمعتهم في مراكز قيادية في جمعية المنبر التقدمي تمثل قاعدة أساس لنشاط الكتلة، وكنا نتمنى لو أن النقابي المخضرم فلاح هاشم من الوصول وصل إلى المجلس هذه المرة أيضاً لأن وصوله كان سيوسع التنوع والاختصاص في أداء الكتلة، بما سينعكس إيجاباً بكل تأكيد عل مستوى اداءها، في مقاربة العديد من الملفات ويؤدي الى فتح نقاش والبحث عن حلول لهموم الفقراء والطبقة العاملة من أبناء الوطن تعويلا على دوره النقابي.

امام الكتلة الآن مجموعة من الملفات ذات الأهمية البالغة، في طليعتها حماية المكتسبات ومستوى الرعاية الذي كان سائدا والعمل على تطويره والارتقاء به الى مستويات أفضل، ونؤكد على هذه  

الملفات بعد ان تيّقن المواطن بتوجه السياسة المالية والاقتصادية للدولة الى خصخصة القطاعات العامة وتسليع تلك المهام بمناولتها الى القطاع الخاص، ان موقف الكتلة  في هذا المجال يكتسب أهمية بالغة لاستنهاض همم نواب آخرين داخل المجلس، حيث اثبتت التجربة أن “تقدّم” قادرة على بلورة موقف نيابي يلتف حوله عدد غير قليل من النواب المستقلين المخلصين، رغم كل المنغصات وممارسة الضغوط لتمرير ما تود  الدولة تمريره، الا ان أداء الكتلة في الدورة السابقة استنهض الجماهير في أكثر من ملف كانت الدولة تود سلقه داخل المجلس ودحرجته إلى منظومة القوانين دون جلبة او موقف شعبي.

لقد كان تأثير الشارع على اثر ما اثارته الكتلة في تلك الملفات ملموساً، وشكّل ثقلاً لا يمكن تجاهله، هذا الواقع اجبر الحكومة على سحب بعض المشاريع بقوانين ثم إعادة إصدارها مجددا بشكل مشروع بقانون بصيغة الاستعجال لتمريره، كما نقل موقف الكتلة ومن وقف معها من النواب هذه الملفات من داخل البرلمان الى الشارع، بحيث أصبحت معه تلك الملفات محور احاديث المجالس والتجمعات وهو ما خلق رأياً جمعيأً كان من تأثيره الموقف الشعبي العام من رفض إعادة ترشيح نواب خذلوا الناس وباعوهم الوهم.

نحن الآن بتنا على يقين من أن اغلب النوّاب حذرين، سوف يعيدون التفكير اكثر من مرة قبل أن يقرروا موقفهم، وهنا سوف يكون لكتلة “تقدّم” دورها المرتجى في مقاربة الرأي العام لتلك الملفات ودور النواب وموقفهم منها داخل المجلس، كما سوف تعمل على تعميم مضامينها وما تنطوي عليه من مضامين سلبية، تنال من مكتسبات المواطن، لكي يعرف الأخير وجهته من تلك الملفات وموقف كل نائب إن كان في مصلحة الوطن والمواطن أم أنه يقف فقط من أجل مصلحته الشخصية بمداهنة الموقف الرسمي، حينها سوف يكون للناخب موقفه وقراره تجاه هذا النائب. 

كان صوتنا الوطني حاضراّ ومؤثراً بلا شك وسعينا ان يبقى الصوت الوطني مستمرا، وبرأينا فإن هذه الوجهة تشكل رؤية سياسية تنطلق من واقع معقد تداخلت فيه مجموعة من العوامل المتشابكة والمتناقضة، حيث يتعين علينا أن نواجهها من أجل مصالح الشعب والوطن، ودفع مستقبل العملية السياسية في البلاد نحو توسيع مساحة الحريات العامة والمشاركة الشعبية، وتلبية تطلعات المواطنين وتأمين حقوقهم.