اشتهرت تصاميمه بطائر النورس
وسط حضورٍغقير من أصدقائه ورفاقه وأفراد عائلته أَبَّنَ المنبر التقدمي الفقيد الفنان خليل الهاشمي الذي غادرنا بعد صراع طويل مع المرض. وشهد حفل التأبين شهادات لرفاق وأصدقاء الفقيد وذويه تناولت مناقبه الشخصية والإبداعية، وتقاطع الذكريات، كما عرض في نهايته فيلم وثائقي عن حياته وفنه.
عادل متروك: ذاكرة من الفن المتقد
الأمين عام المنبر التقدمي المحامي عادل المتروك قال بأن: “الفقيد الرفيق خليل الهاشمي ايقونة راسخة في ثقافتنا، جذورها ممتدة الى عمق مشاعرنا، أحاسيسنا، فرحنا وانفعالاتنا”، وأضاف: “لم يكن يوما يحسب نفسه تابعا لغير الإنسان ولم يجد لنفسه أقرب من الفكر الماركسي نهجا يشبع انسانيته، فتمثلت في سلوكه وانتاجه الفني، تجده هنا في شعار التقدمي كما هي في كل محطات مسيرتنا، والمناسبات التي احتفينا بها، ذاكرة من الفن المتقد، حاضرة معنا طوال مسيرة حياته، ليس منصفا ان نبقي هذا الفنان في قالب محدد لأن فنه يعني الحياة، يعني الحب، يعني الحرية وهي امور لا تعرف قالبأً”.
وواصل المتروك: “لم يكن اعتباطا اختيار الراحل دراسة الفن في جامعة لينينغراد في الاتحاد السوفييتي، كان الاتحاد السوفييتي مدرسة حقيقية لصقل المواهب، ومصنع انتاج الفن وواحد من اهم الدول التي اهتمت بنوعية العمل الفني وقامت بتوظيفه للإنسان ولقضاياه الجوهرية”، وتابع: “هناك ارتبط برفيقة دربه لينا ام رامي وأنجب منها رامي وأيمن، أكمل دراسته في العام 1980 عاد الى موطنه، الا ان المضايقات الأمنية حالت دون استقراره المعيشي وتأمين مصدر دخل له اضطرته بعد 3 سنوات من المعاناة الرحيل الى الكويت، عمل فيها مدرسا منذ العام 1983 ولغاية العام 1990، عاد بعد احتلال الكويت الى بلده البحرين، استمرّ في مهنة التدريس حتى تقاعد، ظل الفقيد مؤثرا بإنتاجه وأعماله، جامحاً بفنه الذي امتزج بمشوار طويل من تجربة مُكوّنة خليطاً من ثقافات متعددة، ولم يثنه المرض عن الإبداع بل على العكس ربما كان محفزا له، فالعديد من اعماله المميزة أنجزها وهو يكابد المرض”.
حميد الملا: حمل أمانة الفن والوطن بإخلاص
بدورها عبرت جمعية الناطقين باللغة الروسية عن الشعور بخسارة الفقيد، في كلمة ألقاها المحامي حميد الملا حيث عبّر فيها عن كبير حزن أعضاء الجمعية لهذا الفقد. وقال بأن: ” إن العطاء في الحياة، سرٌ من أسرار الخلود، سرٌ عرفناه فيك يا خليل، كما عرفناك هادئاً، متواضعاً، ملتزماً بإنسانيتك وواجباتك، لقد حملت الأمانة بإخلاص، واعطيت للفن والوطن جهدك وخبرتك، ومنحت حبك للجميع”.
خالد الهاشمي: حالم في عالم يزداد ضراوة
أما الفنان خالد الهاشمي، شقيق الفقيد، فقد قدّم الشكر والتقدير للمنبر التقدمي لتنظيم الحفل التأبيني للفنان الراحل، وفي استحضار لذكرياته قال: ” شاءت لي الظروف في أحد الأيام أن اطلع على دفتر التحضيرات لمادة الرسم الخاصة به والتي كان يدّون فيها أفكاره في تدريس التلاميذ مادة الرسم للصفوف الابتدائية، وأذكر أنني ذهلت بأسلوبه المشوق لسرد قصة تزاوج الألوان وكيف يمزج اللون الأصفر مع اللون الأزرق، ليوّلد اللون الأخضر في حوار بسيط يصل بمتعة إلى ذهن التلاميذ ليتعلموا أبجديات الرسم وهم يخطون خطواتهم الأولى في المدرسة، لم يكن ذلك مألوفاً أو شائعاً في تدريس حصة الرسم في تلك الفترة، إذ أنها كانت تعتبر مادة تكميلية أو ترفيهية من قبل إدارة التعليم، لم يكتف خليل بالتزامه الوظيفي بأوقات الحصص الرسمية، فغالباً ما كان يعود إلى المدرسة بعد الدوام الرسمي لاستكمال النشاط المدرسي الفني مع الطلبة المهتمين، ومرات عديدة كان يستغرق في العمل إلى ساعات متأخرة مما أثرّ على حضوره الاجتماعي وغيابه وسط العائلة الصغيرة وهو ما لم يعجب الوالد إذ كان يعاتبه على هذا الغياب. رغم ذلك كان خليل شغوفاً وحريصاً أيضاً على أن يغرس في وسطنا العائلي حبّ وتقدير الفن وممارسته أيضاً”.
وواصل: “خليل بطبعه مسالم وهادئ قليل الكلام وربما كثير التذمر ينتمي إلى جيل عاش ببساطة وتواضع أهلنا على هذه الأرض الطيبة، وربما كان قدر خليل الهاشمي أنه كان حالماً وبشاعرية أكثر مما ينبغي في عالم عنيف ومتوحش يزداد ضراوة، إذ لم تسعفه الظروف أن يقدم المزيد من فنه المنحاز إلى احترام القيم والمبادئ الإنسانية في الحرية والعدالة والكرامة بما كان يأمل له إلا بالقدر الذي أتيح له ليفصح لنا عن جزء من طموح شخصيته الفنية في انتاجه الإبداعي”.
رامي الهاشمي: خسرنا نحّاتاً نادراً في تاريخ البحرين
كما تحدّث في حفل التأبين، رامي الهاشمي ابن الفقيد، حيث أشار في كلمته إلى أن: “والده كان يهوى عمله، حريصاً كل الحرص على المشاركة بأمانة وبما كان يؤمن، ويأخذ وقته في صناعة حرفته، وعند الانتهاء – من بعد صبر، يأتي وقت المشاركة في المحافل الدولية، فهو قد فعلها عشرات المرات، إلا أن حماسته كانت تجعله يبدو بأنه يفعلها للمرة الأولى. كان غريباً رؤية فنان من البحرين يشارك مع كل تلك الأسماء والجنسيات العالمية، فقد كان مصدر فخر بحد ذاته، أو كما بدا لي عندما كنت صغيراً. خسرنا نحاتاً، من أبرز من مرّ على تاريخ البحرين المعاصر، فمسيرته تشهد له وأعماله تملأ بيوتنا وتزين طرقاتنا. فهل يتكرر؟ نأمل بأن يكون قد ألهم غيره لحمل راية هذا الفن النبيل”.
عباس الموسوي: جسدّ فكرة السلام في أعماله وتحدث الفنان عباس الموسوي عن علاقته مع الفنان الراحل خليل الهاشمي منذ سنوات طويلة، وذكر عن قرب سكنه في النعيم مع فريق الفقيد “فريق أبوصرة” القريب من شارع الشيخ عبدالله بالمنامة، وذكر العديد من الأعمال الفنية التي أنجزت من قبل الهاشمي، مثل نصب طيور النورس بالمحرق. وأشار إلى عمل أنجزه الفقيد عن السلام، استفاد هو في مشروعه الفني عن السلام، ووظفه فيه، مؤكداً على إبراز الفقيد للحمامة وتجسيده في أعماله المنتصرة لفكرة السلام والحرية.