قال النائب السابق السيد فلاح هاشم أنه فيما كان الاتجاه في التعديلات الدستورية عام 2018 في ما يختص بالأسئلة في إتجاه توسيع صلاحيات النواب نسبياً بحيث مكنت أعضاء السلطة التشريعية حق توجيه الأسئلة الى أعضاء مجلس الوزراء من غير الوزراء وكان الأمل في المضئ قدما في توسيع هذه الصلاحيات إلا أن التعديلات المتعاقبة على اللائحة الداخلية للمجلس، جاءت في إتجاه معاكس لهذا التوجه بحيث أفرغته من محتواه الإيجابي.
من جانبه أشار المحامي حسن اسماعيل إلى إن اللائحة الداخلية التي تنظم الشؤون الداخلية لمجلس النواب من أهم الوسائل التي تساهم في الدفع بعمله على نحو يمكنه من القيام بواجباته المحددة في الدستور على الوجه الأفضل، إذ تتضمن اللائحة مجموعة من القواعد الإجرائية والموضوعية تتعلق بشكل واختصاصات الأجهزة الرئيسية للمجلس وكيفية أداء الوظائف والصلاحيات التشريعية والرقابية.
فيما قال عضو المكتب السياسي للتقدمي المحامي محمود ربيع إن التعديلات الجديدة على اللائحة الداخلية لمجلس النواب تنتقص من صلاحيات المجلس النواب وتقلص من الأدوات التي كانت متاحة، حيث ألغى المرسوم حق مجلس النواب في تشكيل اللجان النوعية الدائمة، وجعل حق تشكيل اللجان المؤقتة بناءً على اقتراح رئيس المجلس فقط، بعكس النص السابق الذي يُجير للمجلس بناءً على طلب مُقدم من خسمة أعضاء على الأقل أن يُشكل لجان أخرى دائمة أو مؤقتة وأن يضع لكل لجنة ما يراه من أحكام خاصة في شأنها.
جاء ذلك في الحلقة الحوارية التي نظمّها المنبر التقدمي وعقدت في مقره حول التعديلات المقترحة على اللائحة الداخلية لمجلس النواب بمرسوم بقانون صدر في عطلة مجلس النواب، وشارك في الحلقة نواب كتلة “تقدّم” الثلاثة: عبدالنبي سلمان، د.مهدي الشويخ، إيمان شويطر، وممثلون عن بعض الجمعيات السياسية وشخصيات وطنية مستقلة، وافتتحت بكلمة للأمين العام للتقدمي الرفيق عادل متروك.
فلاح هاشم: التقييد على السؤال البرلماني
تناول النائب السابق عن “تقدّم” السيد فلاح هاشم في ورقته القيود التي أدخلت على اللائحة الداخلية، وصادرت من صلاحيات أعضاء السلطة التشريعية منها ما يختص بالسؤال، مشيراً إلى ما نص عليه التعديل في المادة (134): بموجب المرسوم بقانون رقم (49) لسنة 2018 بعدم إمكانية تقديم سؤال متعلقاً بسابقة على الفصل التشريعي، ما لم يكن موضوع السؤال مستمراً خلال الفصل التشريعي الذي وُجِّه فيه السؤال، وما نتج عنه من تقييد لأعضاء السلطة التشريعية من مسائلة الوزراء عن ما يتم في ما يسبق الفصل التشريعي ذاته من مخالفات وتجاوزات لم تنكشف الا مؤخراً أو جرى تجاهلها في فصول تشريعية سابقة أو قد حصلت في فترة عطلة المجلس بين الفصلين أو جائت في تقرير الرقابة المالية المقدم للمجلس في دوره الاول بحكم انه يتناول فترة سابقة لذالك وبذلك ينعدم إمكانية المسائلة فيها.
كما تطرق هاشم إلى حصر جواز استبعاد السؤال بشخص رئيس المجلس وفي حالة الاعتراض يعرض على هيئة المكتب ويكون قراره نهائياً وفي هذا التعديل تركيز السلطات لدى الرئيس وهيئة المكتب وتجاوز لحق الهيئة العامة لمجلس النواب ومصادرة لدورها كأعلى سلطة في المجلس في تقرير ما تراه مناسب.
وعرج على التعديل الاخير بموجب المرسوم بقانون رقم (38) لسنة 2022 بالتعديل على المادة (138) لتضيف قيد آخر بتحديد “حق التعقيب لنائب على الوزير لمدة لا تزيد على خمس دقائق، وللوزير أن يعلِّق على ذلك، فإنْ أضاف الوزير جديداً تجَدَّد حق العضو في التعقيب لمدة لا تزيد على ثلاث دقائق”.
وأشار هاشم إلى أهمية السؤال كإحدى الادوات الرقابية للنائب لتأدية مهامه في مراقبة أداء السلطة التنفيذية في تنفيذ الدستور وتطبيق القوانين. وقد تمكنه من كشف خلل ما في التطبيق أو مخالفة أو تجاوز للقوانين أو حتى نقص في التشريعات مما يمكنه في التقدم باقتراحات لتعديلات تشريعية في القوانين لمواكبة التحديات والتطورات التي تتطلبها مسيرة العمل العام في البلد، أو المضئ في درجة أعلى في الادوات الرقابية التي تنص عليها الائحة والدستور كطلب تشكيل لجنة تحقيق أو التقدم بطلب إستجواب لأحد الوزراء إذا ما توفرت لديه القناعة في ذلك.
مؤكداً “أن ما يساعد على تكوين هذا الاعتقاد ليس لدى السائل من النواب فقط وإنما بقية النواب في متابعتهم لعرض إجابة الوزير ومدى تفنيد ذلك من النائب اذا ما تمكن في تعقيبه على إجابة الوزير والتي تتطلب الوقت الكافي لذلك خاصة في ظل ما يتمتع به الوزير من صلاحية مطلقة بالنسبة للوقت في الرد، فبتقصير وقت النائب لهذه الدرجة هو ما يعني عملياً إنتفاء إمكانية التعقيب بحكم ان التعقيب يتطلب إستعراض بعض المستندات والحقائق التي قد تكون في حوزة النائب وقد تكشف عن عدم دقة إجابة الوزير أو مخالفتها للواقع المعاش وهذا يتطلب وقت لن تسعف النائب هذه الدقائق المحدودة”.
وطالب هاشم أعضاء المجلس بموقف يدافع عن صلاحياتهم، خاصة وان المرسوم بقانون هو بين أيديهم وهم من سيقرر رفضه أو القبول بمزيد من القيود بالانصياع لما جاء به المرسوم والبحث عن تبريرات كسابقيهم ممن وافقوا على تقليص صلاحياتهم في مواقف عديدة.
إسماعيل: مصادرة حق المجلس في وضع لائحته الداخلية
المحامي حسن إسماعيل اكد على أن البحث في (إصلاح اللائحة الداخلية لمجلس النواب) يكتسي أهمية بالغة ومجلس النواب مازال في بداية دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السادس ولبيان أهمية النظام الداخلي لعمل النواب ولمزيد من المعرفة من أجل (تعزيز صلاحياته الدستورية في الرقابة والتشريع).
وأشار إلى أن المشرع في البحرين “أفرغ القواعد التشريعية التي تنظم الشؤون الداخلية لعمل مجلس النواب في لائحة داخلية صدرت من السلطة التنفيذية بتاريخ 23 أكتوبر 2002 بموجب مرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002، جرت عليه 7 تعديلات طوال الفصول التشريعية الخمسة الماضية جاءت من الحكومة أربعة منها بموجب مرسوم بقانون أي صدرت في غيبة المجلسين ما بين أدوار الانعقاد أو ما بين الفصول التشريعية، كان أخرها المرسوم بقانون رقم (38) لسنة 2022،صدر قبيل إجراء الانتخابات في 23 أكتوبر 2022.وثلاثة منها جاءت بموجب قانون تم اقتراحها من مجلس النواب نالت وقيدت في أغلبها عمل المجلس في استخدام وسائل الرقابة على أعمال الحكومة وفي التشريع”، في الأعوام 2010، 2012، 2014، 2015، 2018، 2020، 2022.
ونوه إسماعيل إنه “على الرغم أن من أبرز مظاهر استقلال مجلس النواب عن السلطة التنفيذية هو أن يقوم بنفسه بوضع وإقرار لائحته الداخلية التي تنظم شؤونه الداخلية كما هو الحال في دستور الكويت والأردن ومصرإلا أن السلطة التنفيذية في البحرين هي من وضعت هذه اللائحة بموجب مرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 ضمن عدد من المراسيم بقوانين التي صدرت قبل أول اجتماع يعقده المجلس الوطني والتي حصنها الدستور من عرضها على المجلس لإقرارها والتصويت عليها بموجب المادة (121/ب) من الدستور التي نصت على (يبقى صحيحاً ونافذاً كل ما صدر من قوانين ومراسيم بقوانين ومراسيم ولوائح وأوامر وقرارات وإعلانات معمول بها قبل أول اجتماع يعقده المجلس الوطني ما لم تعدل أو تلغ وفقاً للنظام المقرر بهذا الدستور).
وأضاف إسماعيل أنه “وعلى الرغم أن هذه المادة الدستورية أجازت للمجلس أن يعدل فيها أو يلغيها وفقا للأوضاع المنصوص عليها في الدستور، وعلى الرغم أن المادة (94) من دستور مملكة البحرين قد نص على القانون هو الأداة التي تبين نظام سير العمل في كل من مجلس الشورى ومجلس وأن لكل من المجلسين أن يضيف إلى القانون المنظم له ما يراه من أحكام تكميلية، إلا أنه طوال الفصول التشريعية الخمسة الماضية ظلت السلطة التنفيذية هي المهيمن على تعديلات اللائحة الداخلية لمجلس النواب إذ صدرت 7 تعديلات، منها 4 صدرت بموجب مرسوم بقانون أي باقتراح من الحكومة، و3 منها صدرت بموجب قانون أي باقتراح من مجلس النواب بفرض قيود جديدة على اختصاصات وصلاحيات المجلس، ومنها القيود التي فرضت على وسيلتي المناقشة العامة والاستجواب”.
ربيع: نحتاج للائحة داخلية جديدة متوافق عليها
المحامي محمود ربيع استعرض للمرسوم بقانون رقم (38) لسنة 2022 بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب مبيناً ان التعديل قد صدر خلال العطلة التشريعية دون أن يتوفر ركن الإستعجال في اصدارها بموجب – مرسوم بقانون- حيث أن المادة الدستورية اشترطت أن تتوفر حالة تُوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وما يعزز هذا الرأي أن مجلس الشورى ينظر -اقتراحاً بقانون- بتعديل لائحته الداخلية يحمل ذات الأحكام الإجرائية، بحيث يُمكن للإعضاء مجلس الشورى تعديل المواد ورفض بعضها، بعكس مجلس النواب الذي سيكون أمام خيار الرفض او القبول.
وأضاف ربيع أن التعديلات الجديدة حصرت بعض الصلاحيات بيد رئيس المجلس من قبيل اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالاخلال بنظام الجلسة كالمنع من الكلام في موضوع معين أو بقية الجلسة أو الانذار و اللوم، وقصرت عرض المقترحات لأخذ الرأي عليها على الرئيس، بينما كانت هذه الإجراءات بيد المجلس.
كما انتقد ربيع التعديل الخاص بحذف الفقرة (3) من المادة (2) والتي تقرر حق مجلس النواب بتقرير ما يراه بشأن مشروعات القوانين التي اقترحها أعضاء المجلس السابق وقامت الحكومة بصياغتها، إذ بعد حذف هذه الفقرة أصبح للحكومة صلاحية طلب الاستمرار في مشروعات القوانين المقدمة منها أو المقدمة من السلطة التشريعية، فإذا لم تطلب الحكومة استمرار النظر في هذه المشروعات بنوعيها خلال الفترة التي حددها النص اُعتُبِرَت غير قائمة.
وفيما يتعلق بحق السؤال قال ربيع أن تقيد حق التعقيب على الوزير عند عرض السؤال بمدة لا تتجاوز خمس دقائق حسب التعديل الجديد لا يتناسب مع حق في توجيه الأسئلة ومناقشتها والتعقيب عليها لاسيما في المواضيع ذات الأهمية، مع الإشاره أن صلاحية السؤال قد تعرضت لقيود سابقة بموجب المرسوم رقم (49) لسنة 2018 .
وبين ربيع أن المرسوم بقانون الجديد تضمن مواد جديدة أولها سحب جميع الوسائل التقنية من الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية أو أية وسائل أخرى من الحاضرين في الجلسة لضمان عدم الإخلال بسرية الجلسة أو تسريب أية معلومات بشأنها، ويلتزم من حضر الجلسة السرية بعدم إفشاء ما جرى فيها بأيِّ وجه من الوجوه.
وثاني هذه الإضافات ما ورد في المادة (209) مكرر والتي تنص على أنه في حال كان العضو قد شغل وظيفة عامة وتخلَّى عنها بسبب عضويته في مجلس النواب، فإنه يجوز عند انتهاء مدة عضويته بانتهاء الفصل التشريعي إعادة تعيينه أو توظيفه في وظيفة مماثلة لتلك التي تخلَّى عنها بسبب اكتسابه عضوية المجلس، حيث أن هذا التعديل قد يؤدي الى محاباة بعض النواب للوزراء طمعاً في إعادة التعيين أو التعين في وظيفة مماثلة، أو قد يؤدي الى الحد من ممارسة العضو لصلاحياته الرقابية لذات السبب.
وأختتم ربيع ورقته بالتأكيد على أنه بات من صالح التجربة البرلمانية أن تصدر لائحة داخلية جديدة بتوافق برلماني سياسي بعد أن أصبحت اللائحة الحالية مليئة بالقيود الى درجة يمكن معها القول أن الاستجواب كأداة رقابية أضحت شبه مستحيلة، وأن المناقشة العامة أصبحت غير ذات جدوى بعد التعديل الذي صدر بموجب القانون رقم (26) لسنة 2020 والذي لا يُجيز أن يشترك في المناقشة العامة أكثر من عشرة أعضاء، وأن ألا تزيد مدة مداخلة أي عضو على خمس دقائق.