قضايانا.. في انتظار الإرادة والقرار

0
166

لا أعتقد أبداً أن غالبية قضايانا الأساسية في البحرين هي بالفعل معقدة او عصيّة على الحل، كما يعتقد بعض كبار المسؤلين لدينا.  فقضايا مثل الفساد والبطالة والبحرنة وتشوّهات سوق العمل وتطوير منظومة التعليم والصحة والاسكان، وحتى البيئة وتراجع الثروة السمكية، جميعها لا تحتاج لكل هذا الحديث الطويل والكلام المنمق من بعض المسؤلين، أو حتى الأرقام والإحصائيات الني ربما لا نستطيع تصديق معظمها أو حتى فهمها ومقاربتها أحياناً كثيرة. 

 فالمسائل بالنسبة لنا جلها واضحة للعيان، ومن المؤسف الاستغراق كثيراً في التفكير في حلول لها من دون طائل، في وقت تتسارع الخطى لدى بلدان متقدمة او حتى نامية وهي تفكك تلك المنظومة المعقدة من عقد ومتاريس البيروقراطية الحكومية والأهلية، وتهتدي سريعا إلى قرارات ومعالجات للكثير من قضاياها عبر ابسط الوسائل فقط لأن تلك الدول امتلكت الوضوح في الرؤية كما امتلكت الجدية في بلوغ اهدافها وعرفت كيف توظف تشريعاتها وقراراتها الإدارية واجهزتها غير المتضخمة لخدمة سيرورة التطور على مختلف المستويات، لتبلغ بذلك نجاحات تبقينا نحن المنتظرون لمعالجات شبيهة لها في حالة انبهار وربما حسرة احيانا، متسائلين لماذا لا نبدأ نحن ولماذا لا يبادر المسؤولون لدينا بمثل تلك الحلول أو المعالجات وما جدوى الانتظار والاستمرار في هدر الكثير من الكوادر والجهود وإضاعة الوقت؟! ولماذا لا تكون لدينا منظومة وهيكلية ادارية أكثر فعالية عن تلك التي استغرقتنا سنوات وهي تبقينا في حالة انتظار لا تتوقف؟!

كل تلك التساؤلات يطرحها المواطن البحريني البسيط كما يطرحها المتابع والمتخصص أيضاً!! ولكن كل بطريقته وبحسب فهمه طبعا! أسئلة على شاكلة ما يطرح حالياً من تساؤلات متكررة في مجالسنا الأهلية ومنتدياتنا السياسية والاقتصادية وغيرها تحتاج بصراحة  إلى مزيد من الإصغاء وعدم التطنيش، ولابد من اعطاء البعد الاجتماعي والمعيشي الكثير من الإهتمام، تحسباً لأي عواقب لا تحمد عقباها لا سمح الله، فصبر الناس وقدرتهم على التحمل لها حدود بطبيعة الحال، ومخاوفنا المعتادة من تدهور أوضاعنا الاجتماعية والمعيشية تكبر كل يوم، بل إنها تصبح أكثر تعقيداً كلما أحسسنا بإهمالها من جهة من يمتلكون القرار سواء في السلطة التنفيذية او حتى في السلطة التشريعية.

 لذلك يبقى الناس المطحونون في انتظار الأمل لتحقيق انفراجات مأمولة، وكلما تأخرت تلك الحلول زادت حالة الاحباط تلقائيا، خاصة وهم يتابعون وبمقارنات عابرة أو صحيحة أحيانا تحسن اوضاع من حولهم من الدول والشعوب، مما يزيد من جرعات الإحباط وفقدان الأمل بكل أسف.

خلاصة القول، أعتقد جازما أنّ جلّ مشاكلنا وقضايانا لا تحتاج إلى كثرة الحديث المنمق والمسهب حولها، بقدر ما تحتاج إلى إرادة وقرارات عليا وعزيمة  تنتشل الناس من حالات الإحباط والدونية وقلة الحيلة إلى فضاءات من رحابة الأمل والثقة في المستقبل لهم ولأسرهم ولوطنهم الذين يرونه على الدوام بأنه الاجمل الذي يفدونه بأرواحهم ومن دون مقابل.