النائب والمواطنون

0
152

من المعروف بأن دور مجلس النواب التشريع والرقابة، ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، ومحاسبتها إذا لم تقُم بدورها وتنفذ البرنامج المتفق عليه مع النواب أو غيرها من مسؤوليات السلطة التنفيذية التي يتوجب بأن تُراقب من قبل السلطة التشريعية، كما من مهام المجلس إصدار القوانين والتشريعات التي تصب في مصلحة الدولة والمواطنين، وفي المجالس التشريعية المنتخبة في العديد من البلدان حول العالم، الحزب الأكبر في البرلمان يشكل الحكومة سواء بمفرده أو بالمشاركة مع أحزاب سياسية أخرى في البرلمان ويقدم برنامجه للموافقة عليه من قبل أعضاء المجلس النيابي، وفي حالة الفشل والإخفاق في تنفيذ البرنامج، ليس فقط محاسبته بل  ممكن سحب الثقة من الحزب الحاكم، هذا شيء مؤجز عن واجبات المجلس التشريعي في أي بلد كان وبالأخص المجالس النيابية المنتخبة بشكل ديمقراطي.

 وإذا توقفنا أمام الدور المطلوب أو المفترض بأن يقوم به أعضاء مجلس النواب في بلادنا ، علينا معرفة صلاحيات المجلس أولاً، هل تتوفر فيه تلك الصلاحيات المتعارف عليها في أي مجلس تشريعي منتخب، أم صلاحياته منقوصة وتقف عائقاً أمام  محاسبة السلطة التنفيذية لوجود خلل دستوري، ولائحة داخلية تعيق من الممارسة التشريعية والرقابية لأعضاء مجلس النواب؟ والأكثر استغراباً بأن يكون بعض النواب حكوميين أكثر من ممثلي الحكومة، وهم المفترض ممثلو الشعب ( الشعب مصدر السلطات ) مادة دستورية واضحة في دستور مملكة البحرين، طالعتنا الصحافة المحلية بتاريخ 10 أبريل 2023، بخبر مفاده بأن أربعة من أعضاء اللجنة التشريعية في مجلس النواب بمافيهم رئيس اللجنة قد وافقوا على تقييد صلاحيات مجلس النواب، شكَّل صدمة للعديد من المواطنين تضاف إلى نكسات المجلس السابقة والجديدة بدلاً من المطالبة بإدخال تعديلات على دستور مملكة البحرين الصادر في فبراير من عام 2002، وأيضاً اللائحة الداخلية، بعد مضي عشرين عاماً على التجربة البرلمانية في البحرين، تكون مواقف بعض أعضاء مجلس النواب سلبية تتعارض حتى مع القسم الذي أدَّوه في بداية الفصل التشريعي، بالدفاع عن الشعب والوطن. 

يفترض أن يكون دور مجلس النواب مغايراً عن ما هو عليه حالياً ، مجلس النواب ممثلٌ للشعب، ليس ممثلاً للحكومة، عندها سوف يختلف أداء أعضاء مجلس النواب، ويستطيعون مواجهة السلطة التنفيذية في حالة التقصير أو الفشل في تنفيذ البرنامج، التجربة البرلمانية العشرينية منذ ( 2002 إلى  2023 ) في البحرين تكفي، لكي يحدث فيها تغيير وإصلاح، والتجارب والخبرات السابقة  يتعلم منها الإنسان الدروس والعبر، ويأخذ منها الإيجابي ويترك السلبي، لكي لا تراوح التجربة البرلمانية مكانها، لا تفيد المواطن ولا الدولة، وتبقى النواقص والثغرات سنة وراء سنة مكانها دون تغيرات  أو إصلاحات حقيقية، التراجعات تؤدي إلى خيبات و إخفاقات على كل المستويات بدءاً من مجلس النواب والمجتمع، وتكون مبرراً لبقاء ظاهرة  الفساد في المجتمع وبالأخص في الوزارات والدوائر الحكومية، بدل من إصدار قوانين وتشريعات رادعة، لكي تكون دافعاً تشريعياً  في تقديم المتورطين من المسؤولين في الفساد المالي والإداري إلى المساءلة القانونية، وسحب الثقة من الوزراء المتورطين أو المسؤولين المقصرين بحكم مسؤولياتهم الاعتبارية.

 كل هذا يتطلب إدخال تعديلات وصلاحيات دستورية بما في ذلك على اللائحة الداخلية لمجلس النواب، كما يتطلب تغير الدوائر الانتخابية لإيصال كفاءات وطنية قادرة على التصدِّي لأداء الحكومة، ورفع العزل السياسي عن أعداد كبيرة من المواطنين وإعادة النظر في موضوع استمرار الحلِّ لبعض الجمعيات السياسية، لابد من تجاوز تداعيات الأزمة السياسية لعام 2011، بما في ذلك موضوع المعتقلين والسجناء السياسيين والاستفادة من قانون العقوبات البديلة، فعندما يتم الإصلاح السياسي والدستوري تنفتح في المجتمع آفاق سياسية أرحب في الوطن تأخذه نحو بر الأمان والاستقرار في ظل التسامح والتعايش، ومجلس نواب يركز على التشريع والرقابة بدلاً من أن يكون مجلسَ خدمات، وعندما يتحول من مجلس تشريعي إلى مجلس خدمات على النواب التعاطي معه بشكل آخر في حل قضايا ومشاكل المواطنين وهي كثيرة، وعندما لا يستجيب النائب عن هذه الدائرة أو تلك لشكاوي وهموم المواطنين سوف يتذمرون ويستاؤون منه، وهذه إشكالية على النائب في كيفية التعاطي معهم  بأريحية وشفافية. لا يتأفَّفُ من المواطن البسيط الذي همّه بأن يعيش وأسرته حياة كريمة، يرى أبناءه يعملون بعد سنوات من الدراسة، يريد المواطن البسيط أن يتحقق جزء من أحلامه.

 من هنا على النائب التحلي بالصبر والنفس الطويل مع المواطنين، ويكرس وقته من أجل حل قضايا المواطنين في ظل الواقع الحالي إلى أن تتغير الأمور والتي في المنظور القريب لن تتغير، النائب يكرس وقته وجهده من أجل الوطن والمواطنين، ولا ينسى دوره الرقابي والتشريعي تجاه الحكومة ووزرائها والمسؤولين الحكوميين، يعمل مع النواب المخلصين من أجل إدخال التعديلات الدستورية وتغيير نظرة الناس حول المجلس، ليكونَ مجلسُ النواب، مجلسَ الشعب قولاً وفعلاً، لتتوقفَ معاناة المواطنين، وتتوقفَ الضرائب والرسوم، مجلساً قادراً بالقيام  بواجباته الرقابية والتشريعية ، لا مجاملات ولا محاباة للحكومة التي تريد تمرير الميزانية التي يكتنفها الغموض وهي مطروحة على مجلس النواب، مثلما مررت برنامج الحكومة، ميزانيةٌ يقلُّ فيها الدعم المالي للمواطنين يجب أن تُرفض، ميزانيةٌ لا تحدد سعر برميل بوضوح، ماذا تعني…؟