ما يسترعي انتباهك في اللحظة التي تلتقي فيه “بو خالد”، هي تلك الابتسامة التي لا تفارق محيّاه، رغم أمواج العمر ورياح النضال العاتية التي لا يمكن أن تتخطاها العين على بقية ملامحه.
لم ننل الفرصة للاستماع إلى حواريات المناضل الصلد أحمد الشملان في صولاته عبر الإذاعات العربية والأجنبية فترة التسعينات، ولكنه عرفنا على “ملكة باربار” وأهدانا “زنابق العشق” وفتح لنا “ملفات الجزيرة العاشقة”، أما سياسياً، قرع لنا “أجراس الأمل” لتكون مفاتيح إجابات على أسئلة جيلنا وأجيال لاحقة.
لست في وارد لسرد مناقب شخصية وطنية كأحمد الشملان، فلست ممن عاصروا فترة نضاله ولست ممن عايش سنوات الحديد والنار معه ورفاقه، ورغم ذلك، نجد أن الشملان موجود وحاضر دوماً فينا، عناداً للعارض الصحي الذي رافقه خلال العقدين الأخيرين. إحدى تلك الذكريات التي لا أنساها أبداً كلما صادفت “بو خالد” في فعالية ما، كانت في أحد مؤتمرات المنبر التقدمي، وكان النشاط الحزبي متوقداً والجميع كان يحاول اللحاق بالقطار السياسي في تلك الفترة من تاريخ البلد، وبسبب اختلاف وجهات النظر بين فريقين من أعضاء المؤتمر احتدم النقاش وأخذ في الاحتدام أكثر وأكثر حينها بدأت ملامح الشملان بالامتعاض، قبل ان يطلب الكلام من رئيس المؤتمر ويوجه كلماته التي أعادت الجميع تحت جناحيّ طائر التقدمي.
أحمد الشملان وبقية مناضلي التقدمي وهذا الوطن، لا يجب أن يكون ذكرهم على مستوى رفاقهم وأحزابهم فقط، هم كانوا يبذلون العطاء لكل الوطن، ولذا فإن الاعتراف الرسمي بعطائهم سواء السياسي أو الأدبي أو الفني هو اعتراف بتاريخ حافل لهذا البلد الذي تزينه عقود من لآلئ وطنية أعطت عمرها فداءاً “لوطنٍ حر وشعب سعيد”.