غسيل الأموال

0
16

“غسيل الاموال” ظاهرة نسمع بها، لكن قد لانستوعب أخطارها، حيث انها حرب اقتصادية اجتماعية تتغلغل في المجتمعات، ومصادر هذه الأموال طريق الشيطان المسلط على رقاب البشر وهي أموال محرمة نتيجة المصدر، من نوع تجارة الأسلحة والمخدرات كالحشيش والافيون أو من التجارة بالرقيق الابيض وغيرها، هذه الأموال لاتقبلها البنوك في جميع  دول العالم،  ولهذا تحتاج الى ما يسمى بالغسيل لأنها تشبه القاذورات، ولإعادة استخدامها يفضل دخولها في المصارف تحت رقابة الدولة للتأكد من مصدرها،  فإذا كان هذا المصدر غير نظيف فهي لاتقبل،  لكن عدم تقبلها من قبل المصارف التي تكافح التعامل بها، حيث أنها إذا دخلت المصرف اكتسبت صفة النظافة، واتفقت  الدول مجتمعة على مكافحة غسيل الأموال منذ معاهدة فينا في 19 ديسمبر 1988، وانشاء قوة العمليات المالية واصدار التوصيات لمكافحة غسيل الأموال لكل الدول بما فيها الدول العربية والخليجية، كل ذلك يطول به الشرح وسوف نتطرق إلى الأثار الاقتصادية لأنشطة غسيل الأموال على التالي:

  1. الدخل القومي.
  2. توزيع الدخل الوطني.
  3. الإدخار المحلي.
  4. معدل التضخم.
  5. قيمة العملة الوطنية.
  6. معدل البطالة.

يعتبر غسيل الأموال جريمة تهدد استقرار الاقتصاد المحلي في الدولة المعنيّة، كما تهدد الاقتصاد العالمي ، حيث تتم من عمليات مشبوهة،  كتجارة تهريب السلاح أو المخدرات، كما أشرنا، وحتى من فساد سياسي وعمولات ورشاوي، كما يدخل ضمن الأسباب فرض الضرائب والرسوم العالية على الأنشطة الاقتصادية، بصورة لاتتفق مع المنافع العامة ولاتستخدم حسب عدالة توزيع الدخل القومي بشكل عام، وتصعيب الخدمات العامة والتراخيص التجارية مما يدفع إلى التحايل على القانون ، وتشمل الأسباب ايضاً التجارة في الفنادق والنوادي في المحرمات، ومنها المخدرات والدعارة والقمار وجميع مصادر الدخل غير المشروعة التي تشكل خطراً اجتماعياً .

طرق غسيل الأموال

ايداع المال الوسخ في البنك أو في شركات مالية ومؤسسات محلية وحتى خارجية ، ومن ثم شراء اسهم وعقارات بهذا المال الوسخ،  وحتي بيع وشراء السيارات المستعملة، فبعد ادخال الأموال البنوك يتم التمويه على مصدرها الاصلي واخفائه، وتبقى مجهولة المصدر وبهذا تم غسلها حيث تم دمج الأموال الشرعية مع الأموال القذرة، وهذه الشركات التجارية الوهمية، محلية وأجنبية، تدخل البلد باسم مستثمر في تجارة وهمية برأسمال مصدره غير شرعي، وهذه البنوك والحكومات حسب القانون ليسى لها الحق في الاطلاع على مصدرها أو على دفاتر المعاملات الأصلية، خصوصا من بعض الدول التي يطلق عليها (الملاذ المصرفي) منها سويسرا، البهاما، مناك، النمسا، هولندا واخرى غيرها في امريكا الجنوبية .

مع تطور الاتصالات والانترنت والأرقام المستخدمة في غسيل الأموال أصبح غسيل الأموال أوسع وأوسهل على أصحاب الأعمال، لسهولة نقل الأموال القذرة من بلد لاخر وغسيلها عن طريق شراء العقارات والذهب والمجوهرات ثم بيعها بأسعار ولكن بين الاشخاص أنفسهم بنفس الطريق وبأسعار مرتفعة، وتدخل البنك على أنها من مصدر تجاري مشروع، ويتم التعامل بالشيكات المصرفية بالقيمة المتفق عليها ويتم فتح حسابات في المصارف بقيمة هذه الشيكات المتعامل معها ومصدرها أشخاص “محترمون”.

الدراسة تبين أن العوائد من بيع السلاح تقدر بمليار دولار وتأتي في الدرجة الأولى، تليها في الدرجة الثانية عائدات الأموال القذرة بما يفوق 500 مليار دولار أمريكي، وهذه حسب تقارير صادرة من الأمم المتحدة، ناهيك عن أموال الاحتيال المالي وتجارة الرقيق الأبيض والفساد السياسي وغيرهما من الجرائم، ومن يتتبع ما يصدر عن صندوق النقد الدولي من معلومات عن الأموال التي يتم غسلها، سيعرف أن كمية القاذورات التي تمر عبر غسالات النظام الاقتصادي العالمي لا يمكن حصرها لكثرتها، وهذه الأموال تهدد النظام الاقتصادي العالمي بعد ما تخرب الاقتصاد الوطني للدول .

الحسابات المصرفية في كل دولة لها سرية وعقود موقعة بين العميل (الزبون) والمصرف، لهذا لا يمكن كشف عمليات غسيل الأموال، وهنا يأتي دور الأنظمة والقوانين التي تحمي الفرد في المجتمع ، كما أن الدولة تسعى نحو مكافحة غسيل الأموال القذرة، ولكن المرتبطين بالجريمة المنظمة محترفون في عملهم، وكلما زادت مكافحتهم مع تطور العلم وظهور العولمة زادت شراستهم في غسيل الأموال وتخريب الاقتصاد، مع اهتمامهم بجدوى استثماراتهم واعادة تدوير الأموال بما يخالف كل القوانيين الاقتصادية الصحيحة، حيث أن “غاسلي” الأموال القذرة لا ينظرون إلى تحقيق الربح التجاري بل إلى كيفية استبدال المال القذر بمال بطريقة مسموح بها من الدولة، مما يخلق منافسة غير متكافئة مع التجار الوطنين في التجارة السليمة حيث الأموال المغسولة تؤثر على أسعار الفائدة وأسعار الصرف، ويؤدي غسيل الأموال على المستوى الدولي إلى انتقال رؤوس الأموال من الدولة ذات السياسة الاقتصادية السليمة ومعدلات الفائدة المنخفضة الى التاثير على استقرار اسواق المال الدولية .

بعض هذه المشاكل نجدها  في دول عربية وخليجية، التي أصبحت فيها بعض شركات توظيف الأموال  تساهم في حدوث ظاهرة غسيل الأموال، عندما تتجه هذه الشركات الى جمع أموال المودعين وتحويلها للخارج، يعني تسحبها من الدخل القومي لاستثمارها في دول اجنبية. وهذا يزيد من الاستهلاك ويرفع مستوى الأسعار في البلد المعني، كما  يحدث غسيل الأموال بشكل عيني في صورة شراء سلع معمرة، اراضي وعقارات مما يسبب نقص الإدخار المحلي.

     الآثار الاقتصادية لأنشطة غسيل الأموال

ينجم عن السماح بعمليات غسيل الأموال  أخطار جمّة على الاقتصاد، ومن هذه الأخطار:

  1. خطر على الدخل الوطني (القومي): الملاحظ أن الدول لا تسمح باخراج العملة الوطنية خارج الحدود، حيث تعتبر الأموال الخارجة من المصرف الوطني إلى المصارف الأجنبية في خارج البلد استقطاعاً من الدخل القومي للدولة التي أصدرت هذه الأموال، حيث أن خروجها بطرق غير مشروعة يحرم هذه الدولة من الفوائد المراد الحصول عليها من تشغيل هذه الأموال داخل البلد، مما يحرم تشغيل العمالة وتدريبها وزيادة المعروض السلعي، عندما يتم غسيل الأموال لا تؤخذ عليها ضرائب عند تهريبها من الدولة، وبهذا تنخفض الموارد المتاحة لتمويل البرامج الاقتصادية الكلية ويتضح ذلك عندما ننظر إلى رقم الناتج المحلي، وارتفاع نسب البطالة وحسابات تظهر غير صحيحة مما يؤدي بصعوبة للسلطات الاقتصادية في اتخاد السياسات السليمة وبهذا لايسطيع متخذ القرار الاقتصادي تحريك النشاط الاقتصادي بالشكل المطلوب حيث أكثر الأنشطة لا تدخل ضمن الحسابات المعلنة وتصبح غير معروفة ولايمكن التحكم فيها.
  • الدخل الناتج من غسيل الأموال القذرة أو غير شرعية يزيد من دخل الأفراد العاملين في هذا الطريق الممنوع، فيحصلون على أموال لايستحقونها في الوقت الذي لايحصل اصحاب الدخل المشروع على زيادة مناظرة ، مما يؤدي إلى اختلال توزيع الدخل القومي وتتفاقم المشاكل الاجتماعية.
  • تعتبر الأموال القذرة منافية للقوانين والتشريعات والأخلاق والقيم والديانات والمبادئ. كل هذه الأموال آتية من مصدر فساد، كتجارة المخدرات والدعارة وسواها من تجارات غير مقبولة،  تحدث اختلالاً في الدخل الوطني حيث تؤثر على السياسات الاقتصادية المعتمد عليها في صنع سياسات الدولة، خصوصاً عند انعدام الشفافية، وعندما نصنع سياسات خاطئة يؤثر على معدل النمو الاقتصادي، ومعدل البطالة، ومعدل التضخم، واحصائيات ميزان المدفوعات، لأن كل هذه الأنشطة المذكورة ليست مسجلة في وزارات الدولة وتعتبر خارج السيطرة وتؤثر تأثيراً سلبياً على توزيع الدخل القومي.
  • هذه الفئة من الناس تحصل على دخل دون وجه حق من أعمال غير مشروعة حيث هذا الدخل يتم انتزاعه من الفئات المنتجة العمال والمزارعيين والكسبة من مختلف الأعمال الشريفة المشروعة.
  • المتعاملين في غسيل الأموال لايدفعون ضرائب دخل وبهذا يكونون سراق حقوق الدولة من الخزينة المعتمد عليها في تأمين وتمويل الخدمات الاجتماعية للطبقات الفقيرة، لأن هذه الضرائب التي لا تدخل في ميزانية الدولة تحدّ من قدرة الدولة على إعادة توزيع الدخل الوطني بعدالة مما ينتج عنه سوء توزيع الموارد الاقتصادية في المجتمع.
  • الإدخار المحلي يتأثر بعملية غسيل الأموال نتيجة العلاقة العكسية بين الإدخار وغسيل الأموال، حيث أن هروب الأموال المغسولة إلى خارج البلد يقلل المدخر منها والذي يجب توجيهه للاستثمار، وتعتبر أعمال غسيل الأموال سلاحاً ذا حدين، فأموالها إما أن تهرب أو تنفق في شراء الأراضي والعقارات والمضاربات والتحف واللوحات والذهب والترف في أمور لاتفيد المجتمع حيث تقلل من وظائف الأموال، كوسيلة للدخار ووسيلة للتداول وهذا يودي الى عجز الحكومات عن الصرف على تمويل البرامج الأستثمارية ويقلل من التشغيل ويقلل معدل النمو الاقتصادي.
  • لو نظرنا وحلل إلى ظاهرة غسيل الأموال والتضخم لستنتج المحلل لوجدنا غسيل الأموال يزيد دخول المشتغلين فيه على دخول كبيرة دون زيادة في الإنتاج من السلع والخدمات مع نقص إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم وهذا يساهم في عجز ميزانية الدولة وبالتالي ارتفاع الأسعار المحلية والعالمية.
  • أثر غسيل الأموال على العمالة الوطنية حيث قيمة العملة الوطنية تتأثر بعملية غسيل الأموال، حيث أن المجرمين الحاصلين على الأموال بعد غسلها يتم تحويلها الى عملات أخرى، دولار أو يورو أو غيرها، وبهذا العمل في تغير العملة تسحب مبالغ كبيرة ويزيد الطلب عليها مع انخفاض الطلب على العملة الوطنية، مما يؤدي الى انخفاض قيمتها وتدهورها ويصبح الدينار أو الدرهم اسميا دينار أو درهم، لكنه فعليا لا يساوي تلك القيمة.
  • البطالة لها علاقة كبيرة بغسيل الأموال، بشكل ظاهر في الدول النامية كذلك الدول الصناعية، حيث أن هروب الأموال من الدول عن طريق معاملات مصرفية وتحويلات يعطل وظيفة التداول للعملة بين ايدي افراد الشعب كذلك إذا كانت وجهة الأموال المغسولة للاكتناز في البنوك المحلية أو الاجنبية الداخلية والخارجية تتعطل وظيفة التداول وتعطل الدخل القومي من الاستثمارات.
  1. – الفساد السياسي حينما تتسرب الأموال المغسولة من الدول الممنوحة من الدول الأخرى أو المعونات الأجنبية والعربية والخليجية بشكل مساعدات أو قروض الى جيوب المفسدين بدلاً من استثمارها في مشاريع انتاجية التي تزيد من التوظيف وتخفض من البطالة. النتائج ترشدنا إلى أن غسيل الأموال قد يأتي من دول خارجية مكتنزة في جيوب مواطنين في دول خارج الوطن العربي المتعاملة  في زراعة الحشيش والأفيون والماريجوانا وغيرها، ولا يستطيع أصحابها من أفراد العصابات المنظمة تداولها في تلك الدول، فتدخل دول أخرى في شراء بضاعة ونقلها لدولهم بشكل تجارة أو التعامل في اسواق العملة أو البورصة وتتداول عن طريق الاستثمارات في الدول المحتاجة وهؤلآء التجار يشكلون خطراً عالمياً .