عندما نتحدث عن اليسارواليمين أول ما يخطرعلى بال القارئ هو أننا نعني الخوض في الشؤون السياسية أو البرلمانية وهذا حدس صحيح. إما ما لا يخطر على البال فهو أن تصل هذه الإتجاهات السياسية إلى الرياضة وأن تجمع الجماهير حولها وتتحول إلى أداة سياسية وتعصب وحتى عنف يلهب الصراع الطبقي .
هتلر النازي إستغل الرياضة للدعاية لنظامة والتفوق الألماني والأنظمة الاشتراكية المنهارة إستخدمت نفس السلاح . ترسخت هذه الأحداث قبل الحرب العالمية الثانية ومن بعدها أثناء الحرب الباردة وإنتهت، لكن الصراع الطبقي في صورته النفسية المنحازة بين الجماهير الرياضية وبخاصة في أوروبا لم ينته بعد.
فريق ليفربول الإنجليزي يمثل تاريخ صراع الشغيلة ضد مستغليهم وقد مرت أقوام وأجناس على هذه المدينة العمالية ، كانت مرفأ وماتزال مر به العبيد قبل أن يرسلوا إلى امريكا وتوطنت فيها صناعة أساطيل السفن الحربية والتجارية البريطانية وإحتدام الصراع بين الشغيلة الإيرلندية ومستغليهم الإنجليز ونتجت عنه الثقافة الإيرلندية الثورية وهي السائدة في هذا النادي فجمهوره بأغلبيته من الشغيلة وبالتالي فتجد أن جماهير الفريق تضم القوميات والاديان المختلفة، من بينها العرب والمسلمين وتوجهات النادي وشعاراته يسارية ونشيده ثوري وعنوانه (أنت لن تسير لوحدك أبداً) وبالمقابل فإن نادي مانشستر يونايتد عضويته بأغلبها كانت دائماً للبيروقراطيين والطبقات المتوسطة لذلك فيسميه العامة (نادي المتكبرين) وإذا رجعنا إلى البيئة العربية، فالنوادي المصرية تاريخها حافل بالوطنية وخاصة النادي المصري من بورسعيد بينما تذبذبت مواقف النادي الأهلي والزمالك أثناء الإنتفاضات المختلفة في مصر .
في أوروبا جميع الديكتاتورين الذين تعاقبوا على حكم بلدانهم اسسوا لأنفسهم نوادي ودعموها، كما أن الإنتفاضات المحلية والحروب الأهلية التي حدثت في تلك البلدان أفرزت أيضا جمهوراً يسارياً إشتراكياً إستغل المباريات بين فرق الدوري ليرفع شعاراته الطبقية والثورية اليسارية وبالمقابل أسس الممسكون بالسلطة الفاشيين، جمهوراً رجعيا أو فاشيا ليناوئ شعارات اليسار بشعارات أخرى مضادة ، ففي إسبانيا تعتبر أندية مثل ريال مدريد وأتلتيكو مدريد من النوادي اليمينية التي دأب الديكتاتور الإسباني فرانكو على دعمها بينما دعم الديكتاتور الإيطالي موسوليني نادي لاتسيو النازي العدو اللدود لنادي العاصمة روما حيث جمهور روما المحايد في كل المباريات إلا حين يقابل فريقهم فريق لاتسيو فينقلب مزاج الجميع وتبدأ معركة رفع الشعارات والعلام ودق طبول الحرب ضد مؤيدي النازيين. كما أن نادي إنترميلان يميني على الدوام فإن نادي ميلان متقلب الولاء ويعتمد على من يجدد ملكيته إن كانت المافيا أم آخرين ، نوادي يمينية أخرى في إنجلترا هي النادي المشهور تشيلسي ونوادي قديمة مثل بيرنلي وميلوول .
أما نادي برشلونة المتميز في إسبانيا فهو ليس يساريا فقط بل يساري قومي ينادي بإستقلال مقاطعة كتالونيا الإسبانية مثله مثل فريق مقاطعة الباسك أتلنتيكو بيلباو وهو قومي إستقلالي متعصب لا يقبل غير الباسكيين للعب في صفوفه .أما النوادي التي تدعم اليسار في أوروبا فهي موزعة على الخريطة وهي إتحاد برلين وسانت باولي من ألمانيا – بوهيميان من إيرلندا سيلتك من أسكوتلندا ورايو فاليكانو وإسبورتو من إسبانيا وليفورنو الشيوعي من إيطاليا وأولمبيك مارسيليا من فرنسا و AEK من اليونان أما من أمريكا اللاتينبة فهناك
إسبورت كلوب من البرازيل ومن الأرجنتين الفريق الشهير والمنافس الدائم على الدوري والذي إكتشف فيه مارادونا ( بوكا جونيور ) . إن الصراع الطبقي في أوروبا وبلدان العالم الأخرى قد إشتد منذ الأزل وبقيت المدرجات الرياضية المتنفس الوحيد للجماهير لتعبر عن معاناتها من ظروف الحياة ، وكما أن المدرجات تكشف هذا الغيض فإنها أيضاً تتحول إلى برلمانات مفتوحة تكشف عن طبيعة الأنظمة الحاكمة في هذه البلدان من خلال ما أعدته الجماهير وحملته إلى المدرجات من شعارات وعبارات إحتجاج وأعلام ترفرف وصور جيفارا وأبطال النادي والبلد ويجري تدريب جماعي فني منظم على ترديد شعارات أو أغاني تغنى جماعياً أثناء المباراة ..حيث يكشف المستور سواء كان قمعاً او حكماً ديكتاتورياً أو مطالبات شعبية ملحة.