خطاب الكراهية

0
219

يقول الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في تقديم استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية: “استجابة للاتجاهات المثيرة للقلق المتمثلة في تزايد كراهية الأجانب والعنصرية والتعصب وكره ومعاداة السامية وكراهية  النساء والمسلمين في جميع أنحاء العالم، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استراتيجية .

 تؤكد الاستراتيجية على الحاجة إلى مواجهة الكراهية بشكل شامل وفي ظل الاحترام الكامل لحرية الرأي والتعبير، مع العمل بالتعاون مع أصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي. في عام 2021، اعتمدت الجمعية العامة قراراً يعلن 18 يونيه باسم اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية”. 

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، وبروز الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى ومعها دول المنظومة الإشتراكية في شرق أوروبا، وتصاعد نضال حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبروز اليسار كقوى سياسية وقائدة للنضال الوطني وتعاظم نفود الأحزاب الشيوعية والعمالية والتقدمية في البلدان الأوروبية وحول العالم، لم يرُق للإمبريالية وتحديداً الإمبريالية الأمريكية، لهذا خطَّطت ونشطت في مواجهة الاتحاد السوفياتي، فظهرت معاداة الشيوعية والسوفييت في بداية عام 1950 في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل عضو مجلس النواب الأمريكي جوزيف مكارثي، الذي أصبح من أشهر الشخصيات العامة في فترة بلغت فيها شكوك المعادين للشيوعية أوجها لتأثرهم بالتوترات الناتجة عن الحرب الباردة. ذاعت شهرته نتيجة ادِّعائه بدون دليل أن هناك عدداً كبيراً من الشيوعيين والجواسيس السوفيت والمتعاطفين معهم داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية وفي النهاية أدَّى نهجه إلى إضعاف مصداقيته وتعنيفه رسمياً بواسطة مجلس الشيوخ الأمريكي، وفقاً لما كُتِبَ عنه، “لهذا أتى  مصطلح المكارثية في إشارة إلى ممارسات مكارثي واُستخِدم فيما بعد للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجَّه ضد المثقفين، كما كتب راي برادبري روايته “فهرنهايت 451″ رداً على مكارثي في اضطهاده للمثقفين وممارسته الإرهاب الثقافي ضد الكتَّاب والمثقفين في أمريكا.”

وأثناء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، كان خطاب الكراهية بارزاً بشكل واضح في معاداة الشيوعية والأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم ، تستخدم الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها كل الوسائل لمواجهة المعادي لها. قوى إمبريالية مهيمنة وعدوانية تريد إخضاع البلدان والشعوب المستقلة لإرادتها وإذا رفضت واختارت طريقاً محايداً أو حدَّدت توجهاتها، فعلت بها كل شيء بما في ذلك الاستعانة، بعبع الشيوعية، وتحريض المواطنين في تلك البلدان على حكوماتها الوطنية والتقدمية حدث في العديد من البلدان في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، أسقطت حكومات وطنية وتقدمية منتخبة، الأبرز  حكومة السلفادور اللينيدي في تشيلي عام 1973، عندما دبَّرت الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال أوغستو بينوشيه، حيث قام بتصفية الشيوعيين واليساريين في تشيلي، واستمر في الحكم من عام 1973 حتى عام 1990، بدعم من المخابرات الأمريكية ( CIA ).

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتلاشي بلدان المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا في نهاية ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن، ضَعف أو قلَّ التوجه الشيوعي والاشتراكي في العديد من بلدان العالم بما في ذلك البلدان العربية، كان على الإمبريالية الأمريكية أن تختار بعبعاً آخر غير الشيوعية. كان البديل مايعرف اليوم (فوبيا الإسلام)، جاء هذا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 عندما تمَّ قصف برجَي التجارة الدولي في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل قوى إسلامية متشددة، رغم أنه لا يزال هناك غموض حول من يقف خلف تلك الهجمات، بمعنى الفاعل الحقيقي لها. بعدها برزت موجة العداء للإسلام والمسلمين وكانت الكراهية وازدراء كل إنسان مسلم وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وبعض البلدان، هكذا يبرز النهج العدواني للإمبريالية الأمريكية في معاداة الآخر سواء كان الفكر الشيوعي أو الإسلام وتخلق خطاب الكراهية بين الشعوب والبلدان. 

لهذا ليس بغريب بأن يبرز خطاب الكراهية في أي مجتمع كان سواء كان عربياً أو أجنبياً في عداء الآخر في الفكر والثقافة أو للجماعات الإثنية أو الأقليات، ظاهرة سوف تستمر لسنوات وربما عقود من السنين، تؤدي إلى القيام  بممارسات خطيرة تجاه الآخر، في أحيان يُستخدم العنف لإسكات أو قمع الآخر المختلف، و الاستفادة من وسائل “السوشيل ميديا” لشنِّ تلك الهجمات الملئية بخطاب الكراهية، نتساءل من يستطيع إيقاف خطاب الكراهية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ونشر قيم التسامح والتعايش فيها والقبول بالتنوع والتعدد في الأفكار والآراء في المجتمع بعيداً عن المفاهيم اللأخلاقية التي تروج لها الماكنة الإعلامية الغربية والأمريكية حالياً بشكل واسع لإيديولوجية سائدة في مجتعماتهم يُراد لها أن تعمم في بلدان العالم المختلفة .