بعد إجازة لأكثر من ثلاثة أشهر لمجلس النواب، يعود أعضاؤه من جديد إلى دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السادس في أكتوبر، وقبل أن ندخل في الموضوع، نعود بكم إلى فترة بدء الحملات الانتخابية للمرشحين في أكتوبر من 2022، الذين تفاعل معهم قطاعات واسعة من الشعب، بالرغم من حملات المقاطعة والشعارات التي رُفِعَت من بعض القوى في تخوين وتسقيط المرشحين للانتخابات ووصفهم بالمطبعين مع الكيان الصهيوني، كان رأي فئات واسعة من المواطنين غير ذلك المسار أو الاتجاه، خيار المشاركة في الانتخابات النيابية، من أجل إيصال المرشحين الأفضل، والذين وثق المواطنون بأنهم سوف يسعَون للتغيير والإصلاح ويدافعون عن حقوقهم المكتسبة وعن مطالبهم المعيشية وبأن يكون مجلس النواب مغايراً لمجلس 2018 وحتى المجالس السابقة وكانت الآمال معقودة على الوجوه الجديدة التي دخلت المجلس ومعظمهم من الشباب بالإضافة إلى النواب أصحاب الخبرة والتجربة من الذين فازوا في الانتخابات السابقة.
من المعروف عن الشباب الحماس والعطاء والسعي للتعلم من التجارب والخبرات سواء كانت إيجابية أو سلبية لأعضاء المجلس من الدورات التشريعية السابقة، والعمل على تفعيل الآليات الدستورية فيه بالرغم من وجود النقص البائن في صلاحيات المجلس التشريعية والرقابية واللائحة الداخلية والتي تحدُّ من محاسبة المقصرين من المسؤولين، وكان المنتظر منهم إبراز دورهم التشريعي بصفتهم ممثلي الشعب، لا يمثلون أنفسهم ولا الحكومة، وأن يكونوا أعضاء فاعلين في المجلس.
النواب يسألون ويحاسبون السلطة التنفيذية عن أخطائها، ويشكلون لجان التحقيق لكي تمارس دورها التشريعي، وتراقب أداء السلطة التنفيذية “الحكومة”، وهم المنتخبون من الشعب، وممثلوه في المجلس، وحقهم وواجبهم الدستوري العمل من أجل مصالح وحقوق الشعب وكشف عيوب ونواقص السلطة التنفيذية باستخدام الآليات الدستورية المتاحة في المجلس، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، مخيبة للآمال والتطلعات، بدأت الناس في المجالس وفي وسائل التواصل الاجتماعي تتذمر على أعضاء مجلس النواب وتصب عليهم كل “اللعنات”، ولا يمكن لوم الناس لما أصابهم من خيبات أمل وبسبب الأوضاع المعيشية التي تعاني منها، فهم متابعون لأداء أعضاء مجلس النواب، ولا يقبلون بأي تبريرات، فهم يريدون فعلاً حقيقياً لتجاوز تلك المعاناة، بما يُغيّر من واقعهم البائس والصعب، ليس كما يحدث حالياً لدي بعض النواب “الانحناء ريثما تمر العاصفة” وبعدها تعود الأمور إلى طبيعتها دون إيجاد حلول جذرية لقضايا ومطالب المواطنين.
لذلك فإن المطلوب من أعضاء مجلس النواب في دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السادس في أكتوبر أن يكونوا ممثلين حقيقيين للشعب، ويقفوا ضد النهج النيولبيرالي المدمر الذي تسير عليه الحكومة، لأنه نهج فاشل يراد منه خصخصة العديد من القطاعات العامة في الدولة وتحويلها للقطاع الخاص، لتتخلى الحكومة عن مسؤولياتها في الحماية الاجتماعية للمواطنين وتحميلهم أعباء مالية إضافية، ناجمة عن الإخفاقات والأخطاء من جانب الحكومة، فهل يجوز هذا؟
إمام أعضاء مجلس النواب ثلاثة أعوام قادمة، يمكن أن يغيروا وجهة الرأي اتجاهم، فالمواطنون يريدون أشياء ملموسة، بكلمات يريدون حياة كريمة أفضل لهم ولأبنائهم، فهل تعدل الصورة المقلوبة للمجلس؟