وبكينا.. وبكينا
وعرفنا الضعف في أقصى ثوانيه
بل جثوْنا
نقر الأرق وجه الشراشف
أوقظت الويلات نساء المدينة
رفرفت في الهواء أزواج من حمام..
امتنعت عن الهديل/ الكلام
يتولاها أنينٌ وحنينٌ لـ الرحيل:
ياوحيداً يا أحد
يارحيماً يا صمد!
…
صدفةٌ تتحد.. وأخرى تنفصل
أخرى تُولد
وأخرى تموت
وحين تتعذب بعد موتها صدفةٌ أخرى تتبجح
تختلف على البلح في نخيلٍ عاقرات
“ليست عاقراً من تحب
ليس عقيماً من يفي”
…
وكزتُ القلبَ أتحسسُ مكانَه وفي شفتي بسملة
رتقتُ الروحَ وفي زهرتِها يقترفُ الأملُ الغياب
كيف أنسلّ من بينِ جروحِ الوطن
أين أدسُ وجهي والجنائزُ مدائن؟
…
لم تألف الطفلة الغزاوية لغة الموت بعد
بكت غياب أمها
أفرطت في عناق دميتها
ونامت .. نامت للأبد
..
لا قرص موسيقي يدورُ في فلكي
أتلكأُ بصمتٍ مهيب
من وراءِ صوتِ المذياعِ الجريء
الـ يرصدُ عددَ القتلى
ويرقصُ على جُثمانِهم بعد ثوانٍ
بـ أغنيةٍ باردة..
…
أريدُ أن أبكيَ في حُضنِكَ
كجندي منتصرٍ بعد معركةٍ طاحنةٍ
استراحَ أخيراً واستسلمَ للبكاء
…
اكتبي الشعر أيتها البلاد
ولا تخافي من أقدام الحرب
وهي تهرس وجنتك
لا تَدَعي أحداً يفسد وداعة جفنك
وأنتِ تبعدين الدم عن وجه الوردة
وأنتِ تعيدين للطفل أطرافه
ليحبو قليلاً قبل أن ينبت جناحه!
وأنتِ تُكممين أفواه البنادق
بالقُبلِ والأغنيات..
اكتبي الشعر أيتها البلاد
قبل أن تربت النساء على كتف أم الشهيد
وهي تهز في حضنها مهد حفيدٍ لن يجيء
…
كناجيةٍ من الحربِ
تتقلبُ على فراشِ الندمِ كلَ ليلة
كطفلٍ يتوسلُ أمَهُ أن تفيقَ من الموت
كزوجةِ جنديٍ لم يتبقَ لها منهُ إلا بندقيةٍ فارغة
لن أنتظرَ حتى تُقرَ لي بخيانتِه
تنفُثُ في أنفي عطورَهُ الرخيصة
تبكي لتُرممَ طينَ كبريائِها
سأقتلُ هذه الحياةَ بقدرِ ما ضاجعَها كلَ ليلة
هذا الحزنُ الفاحش
…
عذراً يا سيد “واقع”
كل ما في الأمرِ أننا نكبُرُ
يتقاعسُ عالمُنا عن النهوض
وحين نقفُ
يشدُ ياقةَ أحلامِنا
بربطةِ عُنقٍ ضيقة
تُخرسُنا عن الكلام
لماذا نُعطرُ ياقةَ الحُلم
والواقعُ ينحرُ عُنُق الحياة؟