ما من قضية يُجمع عليها شعب البحرين بكل مكوّناته واتجاهات المجتمع فيه، كالقضية الفلسطينية، وفي كلّ مرة تتعرض فيها غزّة الصامدة أو القدس، أو أي مدينة في الضفة الغربية المحتلة لعدوان صهيوني، سواء من جيش العدو أو من شراذم مستوطنيه، يهبّ البحرينيون للتعبيرعن تضامنهم مع أشقائنا في فلسطين ونصرة قضيتهم العدالة. وبعودة إلى الوراء نجد أن أهل البحرين، ومنذ اغتصاب فلسطين من الصهاينة، وقفوا مع شعبها، وقدّموا ما استطاعوا من عونٍ له، بل أن البعض منهم تبرع للقتال إلى جانب الفلسطينيين.
وهذا الموقف الشعبي البحريني يتجسد، من جديد، وبكل قوّة، في الوقوف إلى جانب فلسطين منذ عملية السابع من أكتوبر، وإدانة ما تشنّه قوات الاحتلال في قطاع غزّة من حرب إبادة بالمعنى الحرفي للكلمة، وهو أمر لا يخفيه قادة الكيان، الذين جاهروا، ومنذ البدء، بخططهم لتدمير القطاع وإبادة وتهجير الساكنين فيه، ورسم خريطة جديدة، وها هو القصف الوحشي مستمر، منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، للمباني السكنية والمستشفيات والمدارس التي تحوّلت إلى ملاجىء للمدنيين الذين دمرت بيوتهم، وما انفكّ قادة العدو في تكرار القول بأن ما ارتكبوه حتى الآن من جرائم ومجازر ليس سوى البداية لما هو آت، حين يجتاحون القطاع برياً.
ويمضي المعتدون الصهاينة في غيّهم بدعم أمريكي وغربي مشين، لم يقف عند حدود إعاقة صدور مواقف دولية منددة بالهمجية الصهيونية، وهي المواقف التي يُجمع عليها القطاع الأوسع من الرأي العام العالمي، ناهيك عن عشرات الدول، التي صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح القرار المقترح من الأردن، والمُطالب بوقف العدوان على غزّة وحماية المدنيين، وللأسف فإن الموقف الرسمي العربي ما زال أضعف بكثير من المطلوب في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة، وسمعنا تصريحات عربية مخزية تدافع عن العدو وتبرر له عدوانه.
ويأتي كل ذلك على خلفيّة تفكك وهشاشة منظومة الأمن العربية، بعد ازدياد الدول المطبعة مع الكيان، ومحزن ومثير للغضب أن تكون بلادنا إحدى هذه الدول، على النقيض من إرادة شعبنا، الذي كانت فلسطين وما زالت وستبقى، بوصلته نحو الحق والعدالة والحرية وتقرير المصير الذي تضمنه المواثيق الدولية، ونبذ العنصرية وسياسات الاستيلاء على أراضي شعب آخر، وتهجيره، والتمادي في شنّ الحروب عليه، وقتل عشرات الآلاف من أبنائه، بمن فيهم الأطفال، والزج بمناضليه في سجون الاحتلال.